وقال البخاري: حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا حماد بن أسامة (١) عن بُرَيد (٢) بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى، ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا، فكانت منها نقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير. وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا. وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت (٣) فذلك مثل من فَقُه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به، فَعَلم وَعَلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا. ولم يَقْبَل هُدَى الله الذي أُرْسِلْتُ به".
رواه مسلم والنسائي من طرق، عن أبي أسامة حماد بن أسامة، به (٤)
لما ذكر تعالى قصة آدم في أول السورة، وما يتعلق بذلك وما يتصل به، وفرغ منه، شرع تعالى في ذكر قصص الأنبياء، ﵈، الأول فالأولَ، فابتدأ بذكر نوح، ﵇، فإنه أول رسول إلى أهل الأرض بعد آدم، ﵇، وهو: نوح بن لامك بن متوشلح بن خَنُوخ -وهو إدريس [النبي](٥)﵇ -فيما، يزعمون، وهو أول من خط بالقلم -ابن برد بن مهليل بن قنين بن يانش بن شيث بن آدم، عليه (٦) السلام.
هكذا نسبه [محمد](٧) بن إسحاق وغير واحد من أئمة النسب، قال محمد بن إسحاق: ولم يلق نبي من قومه من الأذى مثل نوح إلا نبي قتل.
وقال يزيد الرقاشي: إنما سمّي نوحًا لكثرة ما ناح على نفسه.
وقد كان بين آدم إلى زمن نوح، ﵉، عشرة قرون، كلهم على الإسلام [قاله عبد الله ابن عباس](٨)
قال عبد الله بن عباس وغير واحد من علماء التفسير: وكان أول ما عبدت الأصنام، أن قومًا صالحين ماتوا، فبنى قومهم عليهم مساجدَ وصوروا صور أولئك فيها، ليتذكروا حالهم وعبادتهم، فيتشبهوا بهم. فلما طال الزمان، جعلوا تلك الصور أجسادًا على تلك الصور. فلما تمادى الزمان عبدوا تلك الأصنام وسموها بأسماء أولئك الصالحين "ودًا وسواعًا ويَغُوث وَيَعُوق ونسرًا". فلما تفاقم الأمر بعث الله، ﷾ -وله الحمد والمنة -رسوله نوحا يأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك
(١) في أ: "ابن أبي أسامة" وهو خطأ. (٢) في أ: "يزيد". (٣) في ك، د، م، أ: "ولا تنبت كلأ". (٤) صحيح البخاري برقم (٧٩)، وصحيح مسلم برقم (٢٢٨٢)، وسنن النسائي الكبرى برقم (٥٨٤٣). (٥) زيادة من أ. (٦) في أ: "عليهم". (٧) زيادة من ك، م، أ. (٨) زيادة من م، أ.