للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإن بحسبك أن تقول: "اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل" (١)

ورواه أبو داود، من حديث شعبة، عن زياد بن مخراق، عن أبي نَعَامة، عن ابن لسعد، عن سعد، فذكره (٢) والله أعلم.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عفَّان، حدثنا حَمَّاد بن سلمة، أخبرنا الجريري، عن أبي نَعَامة: أن عبد الله بن مغفل (٣) سمع ابنه يقول: اللهم، إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. فقال: يا بني، سل الله الجنة، وعذ به من النار؛ فإني سمعت رسول الله يقول: "يكون قوم يعتدون في الدعاء والطَّهُور".

وهكذا رواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عفان به. وأخرجه أبو داود، عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي نَعَامة (٤) -واسمه: قيس بن عباية الحنفي البصري -وهو إسناد حسن لا بأس به، والله أعلم.

وقوله تعالى: (وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا) ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض، وما أضره بعد الإصلاح! فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد، ثم وقع الإفساد بعد ذلك، كان أضر ما يكون على العباد. فنهى [الله] (٥) تعالى عن ذلك، وأمر بعبادته ودعائه والتضرع إليه والتذلل لديه، فقال: (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا) أي: خوفا مما عنده من وبيل العقاب، وطمعًا فيما عنده من جزيل الثواب.

ثم قال: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) أي: إن رحمته مُرْصَدة للمحسنين، الذين يتبعون أوامره ويتركون زواجره، كما قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ [وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ](٦) [الأعراف: ١٥٦، ١٥٧].

وقال: (قَرِيبٌ) ولم يقل: "قريبة"؛ لأنه ضمن الرحمة معنى الثواب، أو لأنها مضافة إلى الله، فلهذا قال: قريب من المحسنين.

وقال مطر الوراق: تَنَجَّزوا موعود (٧) الله بطاعته، فإنه قضى أن رحمته قريب من المحسنين، رواه ابن أبي حاتم.


(١) المسند (١/ ١٧٢).
(٢) سنن أبي داود برقم (١٤٨٠).
(٣) في أ: "معقل".
(٤) المسند (٥/ ٥٥)، وسنن ابن ماجة برقم (٣٨٦٤)، وسنن أبي داود برقم (٩٦).
(٥) زيادة من أ.
(٦) زيادة من ك، م، أ.
(٧) في أ: "فتنجزوا بوعد".