خبر ما سبق، ونبأ ما يأتي ما لم تكونوا تعلمون ذلك أنتم ولا آباؤكم.
قال قتادة: هؤلاء مشركو العرب. وقال مجاهد: هذه للمسلمين.
وقوله:(قُلِ اللَّهُ) قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أي: قل: الله أنزله. وهذا الذي قاله ابن عباس هو المتعين في تفسير هذه الكلمة، لا ما قاله بعض المتأخرين، من أن معنى (قُلِ اللَّهُ) أي: لا يكون خطاب لهم إلا هذه الكلمة، كلمة:"الله".
وهذا الذي قاله هذا القائل يكون أمرًا بكلمة مفردة من غير تركيب، والإتيان بكلمة مفردة لا يفيد (١) في لغة العرب فائدة يحسن السكوت عليها.
وقوله:(ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) أي: ثم دعهم في جهلهم وضلالهم يلعبون، حتى يأتيهم من الله اليقين فسوف يعلمون (٢) ألهم العاقبة، أم لعباد الله المتقين؟.
وقوله:(وَهَذَا كِتَابٌ) يعني: القرآن (أَنزلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى) يعني: مكة (وَمَنْ حَوْلَهَا) من أحياء العرب، ومن سائر طوائف بني آدم من عرب وعجم، كما قال في الآية الأخرى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨]، وقال ﴿لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩]، وقال ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾ [هود: ١٧]، وقال ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: ١]، وقال ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران: ٢٠]، وثبت في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال:"أعْطِيتُ خمسًا لم يُعْطَهُنّ أحد من الأنبياء قبلي" وذكر منهن: "وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس عامة"(٣)؛ ولهذا قال:(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ) أي: كل من آمن بالله واليوم الآخر آمن بهذا الكتاب المبارك الذي أنزلناه إليك يا محمد، وهو القرآن، (وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) أي: يقومون بما افترض عليهم، من أداء الصلوات في أوقاتها.