خفافية بطن العقيق مصيفها … وتحتل في البادين وجرة فالعرفا (١)
فإن تتبع الكفار أم مؤمل … فقد زودت قلبي على نأيها شغفا
وسوف ينبئها الخبير بأننا … أبينا ولم نطلب سوى ربنا حلفا
وإنا مع الهادي النبي محمد … وفينا ولم يستوفها معشر ألفا
بفتيان صدق من سليم أعزة … أطاعوا فما يعصون من أمره حرفا
خفاف وذكوان وعوف تخالهم … مصاعب زافت في طروقتها كلفا
كأن نسيج الشهب والبيض ملبس … أسودا تلاقت في مراصدها غضفا
بنا عز دين الله غير تنحل … وزدنا على الحي الذي معه ضعفا
بمكة إذ جئنا كأن لواءنا … عقاب أرادت بعد تحليقها خطفا
على شخص الابصار تحسب بينها … إذا هي جالت في مراودها عزقا (٢)
غداة وطئنا المشركين ولم نجد … لأمر رسول الله عدلا ولا صرفا
بمعترك لا يسمع القوم وسطه … لنا زحمة إلا التذامر والنقفا
ببيض تطير الهام عن مستقرها … وتقطف أعناق الكماة بها قطفا
فكائن تركنا من قتيل ملحب … وأرملة تدعو على بعلها لهفا
رضا الله ننوي لا رضا الناس نبتغي … ولله ما يبدو جميعا وما يخفى
وقال عباس أيضا ﵁:
ما بال عينك فيها عائر سهر … مثل الحماطة أغضى فوقها الشفر (٣)
عين تأوبها من شجوها أرق … فالماء يغمرها طورا وينحدر
كأنه نظم در عند ناظمه … تقطع السلك منه فهو منتثر
يا بعد منزل من ترجو مودته … ومن أتى دونه الصمان فالحفر (٤)
دع ما تقدم من عهد الشباب فقد … ولى الشباب وزار الشيب والزعر (٥)
واذكر بلاء سليم في مواطنها … وفي سليم لأهل الفخر مفتخر
قوم هموا نصروا الرحمن واتبعوا … دين الرسول وأمر الناس مشتجر
لا يغرسون فسيل النخل وسطهم … ولا تخاور في مشتاهم البقر
(١) العقيق ووجرة والعرف: أسماء مواضع.
(٢) مراود: جمع مرود وهو الوتد، قال السهيلي: يجوز أن يكون جمع مراد، وهو حيث ترود الخيل.
(٣) العائر: كل ما أعل العين من رمد أو قذى. والحماطة: تبن الذرة. والشغر: أصل منبت الشعر في الجفن.
(٤) الصمان والحفر: موضعان.
(٥) الزعر: قلة الشعر.