إلا سوابح كالعقبان مقربة … في دارة حولها الاخطار والعكر (١)
تدعى خفاف وعوف في جوانبها … وحي ذكوان لا ميل ولا ضجر (٢)
الضاربون جنود الشرك ضاحية … ببطن مكة والأرواح تبتدر
حتى رفعنا وقتلاهم كأنهم … نخل بظاهرة البطحاء منقعر
ونحن يوم حنين كان مشهدنا … للدين عزا وعند الله مدخر
إذ نركب الموت مخضرا بطائنه … والخيل ينجاب عنها ساطع كدر
تحت اللواء مع الضحاك يقدمنا … كما مشى الليث في غاباته الخدر
في مأزق من مجر الحرب كلكلها … تكاد تأفل منه الشمس والقمر
وقد صبرنا بأوطاس أسنتنا … لله ننصر من شئنا وننتصر
حتى تأوب أقوام منازلهم … لولا المليك ولولا نحن ما صدروا
فما ترى معشرا قلوا ولا كثروا … إلا وقد أصبح منا فيهم أثر
وقال عباس أيضا ﵁:
يا أيها الرجل الذي تهوي به … وجناء مجمرة المناسم عرمس (٣)
إما أتيت على النبي فقل له … حقا عليك إذا اطمأن المجلس
يا خير من ركب المطي ومن مشى … فوق التراب إذا تعد الأنفس
إنا وفينا بالذي عاهدتنا … والخيل تقدع بالكماة وتضرس
إذ سال من أفناء بهثة كلها … جمع تظل به المخارم ترجس (٤)
حتى صبحنا أهل مكة فيلقا … شهباء يقدمها الهمام الأشوس
من كل أغلب من سليم فوقه … بيضاء محكمة الدخال وقونس
يروي القناة إذا تجاسر في الوغى … ونخاله أسدا إذا ما يعبس
يغشى الكتيبة معلما وبكفه … عضب يقد به ولدن مدعس (٥)
وعلى حنين قد وفى من جمعنا … ألف أمد به الرسول عرندس
(١) في نسخ البداية المطبوعة: مغرية أثبتنا مقربة من ابن هشام، والعكر: الإبل الكثيرة. والاخطار: الجماعات من الإبل.
(٢) خفاف وعوف وذكوان: قبائل.
(٣) الوجناء: الناقة الضخمة الوجنات، والمناسم: جمع منسم وهو مقدم طرف خف البعير. العرمس الشديدة القوية.
(٤) بهثة: حي من سليم. والمخارم: الطرق في الجبال.
(٥) مدعس: السريع الطعن، وغصب: السيف القاطع.