ويعلم أهل مكة حين ساروا … وأحزاب أتوا متحزبينا
بأن الله ليس له شريك … وأن الله مولى المؤمنينا
فإما تقتلوا سعدا سفاها … فان الله خير القادرينا
سيدخله جناتا طيبات … تكون مقامة للصالحينا
كما قد ردكم فلا شريدا … بغيظكم خزايا خائبينا
خزايا لم تنالوا ثم خيرا … وكدتم أن تكونوا دامرينا
بريح عاصف هبت عليكم … فكنتم تحتها متكمهينا (١)
قال ابن إسحاق: وقال عبد الله بن الزبعري السهمي في يوم الخندق (قلت وذلك قبل أن يسلم)
حي الديار محا معارف رسمها … طول البلى وتراوح الأحقاب
فكأنما كتب اليهود رسومها … ألا الكنيف ومعقد الاطناب (٢)
قفرا كأنك لم تكن تلهو بها … في نعمة بأوانس أتراب
فاترك تذكر ما مضى من عيشة … ومحلة خلق المقام يباب
واذكر بلاء معاشر واشكرهم … ساروا بأجمعهم من الأنصاب
أنصاب مكة عامدين ليثرب … في ذي غياطل جحفل جبجاب (٣)
يدع الحرون مناهجا معلومة … في كل نشز ظاهر وشعاب
فيها الجياد شوازب مجنوبة … قب البطون وأحق الاقراب (٤)
من كل سلهبة وأجرد سلهب … كالسيد بادر غفلة الرقاب
جيش عيينة قاصد بلوائه … فيه وصخر قائد الأحزاب
قرمان كالبدرين أصبح فيهما … غيث الفقير ومعقل الهراب
حتى إذا وردوا المدينة وارتدوا … للموت كل مجرب قضاب
شهرا وعشرا قاهرين محمدا … وصحابه في الحرب خير صحاب
نادوا برحلتهم صبيحة قلتم … كدنا نكون بها مع الخياب
لولا الخنادق غادروا من جمعهم … قتلى لطير سغب وذئاب
قال فأجابه حسان بن ثابت ﵁ فقال:
هل رسم دارسة المقام يباب … متكلم لمحاور بجواب
(١) المتكمه: الأعمى الذي لا يبصر.
(٢) الكنيف: الحظيرة، الزريبة للإبل. والاطناب: الحبال التي تشد بها الخيام والأخبية.
(٣) الغياطل: الجيوش كثيرة الأصوات. والجبجاب: الكثير.
(٤) الشوازب: الضوامر. المجنونة: المقودة، التي تقاد. قب: ضامرة. الأقراب: جمع قرب، وهي الخاصرة.