وجردا كالقداح مسومات … نؤم بها الغواة الخاطئينا
كأنهم إذا صالوا وصلنا … بباب الخندقين مصافحونا
أناس لا نرى فيهم رشيدا … وقد قالوا ألسنا راشدينا
فأحجرناهم شهرا كريتا … وكنا فوقهم كالقاهرينا (١)
نراوحهم ونغدو كل يوم … عليهم في السلاح مدججينا
بأيدينا صوارم مرهفات … نقد بها المفارق والشؤونا (٢)
كأن وميضهن معريات … إذا لاحت بأيدي مصلتينا
وميض عقيقة لمعت بليل … ترى فيها العقائق مستبينا
فلولا خندق كانوا لديه … لدمرنا عليهم أجمعينا
ولكن حال دونهم وكانوا … به من خوفنا متعوذينا
فإن نرحل فإنا قد تركنا … لدى أبياتكم سعدا رهينا
إذا جن الظلام سمعت نوحا … على سعد يرجعن الحنينا
وسوف نزوركم عما قريب … كما زرناكم متوازرينا
بجمع من كنانة غير عزل … كأسد الغاب إذ حمت العرينا
قال: فأجابه كعب بن مالك أخو بني سلمة ﵁ فقال:
وسائلة تسائل ما لقينا … ولو شهدت رأتنا صابرينا
صبرنا لا نرى لله عدلا … على ما نابنا متوكلينا
وكان لنا النبي وزير صدق … به نعلو البرية أجمعينا
نقاتل معشرا ظلموا وعقوا … وكانوا بالعداوة مرصدينا
نعالجهم إذا نهضوا إلينا … بضرب يعجل المتسرعينا
ترانا في فضافض سابغات … كغدران الملا متسربلينا (٣)
وفي ايماننا بيض خفاف … بها نشفي مراح الشاغبينا
بباب الخندقين كأن أسدا … شوابكهن يحمين العرينا
فوارسنا إذا بكروا وراحوا … على الأعداء شوسا معلمينا (٤)
لننصر أحمدا والله حتى … نكون عباد صدق مخلصينا
(١) شهرا كريتا: أي شهرا كاملا.
(٢) الشؤون: جمع شأن: مجمع العظام في أعلى الرأس.
(٣) الفضافض: الدروع المتسعة. والملا: المتسع من الأرض، وقيل الصحراء.
(٤) الشوس: جمع أشوس، وهو الذي ينظر بمؤخر عينه كبرا. والمعلم: (فتح وكسر اللام) الذي يجعل لنفسه علامة في الحرب يعرف بها.