فأجابه أبو سفيان بن الحارث (١) أنه يقول:
أدام الله ذلك من صنيع … وحرق في نواحيها السعير
ستعلم أينا منها بستر … وتعلم أي. أرضينا نضير
قال ابن إسحاق: وقال كعب بن مالك يذكر أجلاء بني النضير وقتل كعب بن الأشرف فالله أعلم.
لقد خزيت بغدرتها الحبور … كذاك الدهر ذو صرف يدور (٢)
وذلك أنهم كفروا برب … عظيم أمره أمر كبير
وقد أتوا معا فهما وعلما … وجاءهم من الله النذير
نذير صادق أدى كتابا … وآيات مبينة تنير
فقالوا ما أتيت بأمر صدق … وأنت بمنكر منا جدير
فقال: بلى لقد أديت حقا … يصدقني به الفهم الخبير
فمن يتبعه يهد لكل رشد … ومن يكفر به يخز الكفور
فلما أشربوا غدرا وكفرا … وجد بهم عن الحق النفور (٣)
أرى الله النبي برأي صدق … وكان الله يحكم لا يجور
فأيده وسلطه عليهم … وكان نصيره نعم النصير
فغودر منهم كعب صريعا … فذلت بعد مصرعه النضير
على الكفين ثم وقد علته … بأيدينا مشهرة ذكور
بأمر محمد إذ دس ليلا … إلى كعب أخا كعب يسير
فما كره فأنزله بمكر … ومحمود أخو ثقة جسور
فتلك بنو النضير بدار سوء … أبارهم بما اجترموا المبير (٤)
غداة أتاهم في الزحف رهوا … رسول الله وهو بهم بصير
وغسان الحماة مؤازروه … على الأعداء وهم لهم وزير
فقال السلم ويحكم فصدوا … وخالف أمرهم كذب وزور (٥)
فذاقوا غب أمرهم وبالا … لكل ثلاثة منهم بعير
(١) أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو ابن عم النبي ﷺ وكان على كفره وقد أسلم بعد في الفتح وثبت مع النبي ﷺ.
(٢) الحبور: جمع حبروهم علماء اليهود.
(٣) في شرح السيرة لأبي در: وحاد بهم بدل وجد بهم: أي مال بهم.
(٤) أبارهم: أهلكهم.
(٥) في رواية أبي ذر: وحالف: أي صاحب.