وأجلوا عامدين لقينقاع … وغودر منهم نخل ودور
وقد ذكر ابن إسحاق جوابها لسمال (١) اليهودي، فتركناها قصدا. قال ابن إسحاق: وكان مما قيل في بني النضير قول ابن لقيم العبسي، ويقال قالها قيس بن بحرين طريف الأشجعي:
أهلي فداء لامرئ غير هالك … أحل اليهود بالحسي المزنم (٢)
يقيلون في خمر العضاه وبدلوا … أهيضب عودا بالودي المكمم (٣)
فإن يك ظني صادقا بمحمد … تروا خيلة بين الضلا ويرمرم (٤)
يؤم بها عمرو بن بهثة إنهم … عدو وما حي صديق كمجرم
عليهن أبطال مساعير في الوغى … يهزون أطراف الوشيج المقوم
وكل رقيق الشفرتين مهند … توورثن من أزمان عاد وجرهم
فمن مبلغ عني قريشا رسالة … فهل بعدهم في المجد من متكرم
بأن أخاهم فاعلمن محمدا … تليد الندى بين الحجون وزمزم
فدينوا له بالحق تجسم أموركم … وتسمو من الدنيا إلى كل معظم
نبي تلافته من الله رحمة … ولا تسألوه أمر غيب مرجم
فقد كان في بدر لعمري عبرة … لكم يا قريش والقليب الملمم
غداة أتى في الخزرجية عامدا … إليكم مطيعا للعظيم المكرم
معانا بروح القدس ينكى عدوه … رسولا من الرحمن حقا بمعلم (٥)
رسولا من الرحمن يتلو كتابه … فلما أنار الحق لم يتلعثم
أرى أمره يزداد في كل موطن … علوا لأمر حبه الله محكم
قال ابن إسحاق: وقال علي بن أبي طالب، وقال ابن هشام قالها رجل من المسلمين ولم أر أحدا يعرفها لعلي:
عرفت ومن يعتدل يعرف … وأيقنت حقا ولم أصدف
عن الكلم المحكم. اللاء من … لدى الله ذي الرأفة الأراف
(١) في ابن هشام: سماك اليهودي.
(٢) الحسى والحساء: مياه تغور في الرمل وتمسكها صلابة الأرض قاله أبو ذر. وقال السهيلي: ما يحس من الطعام والمزنم: المقلل اليسير قال السهيلي: يريد أحلهم دار غربة في غير عشائرهم. والمزنم هنا: الرجل يكون في القوم وليس منهم، أي المبعد الطريد. (الروض الأنف ٢/ ١٧٧).
(٣) في ابن هشام: جمر بدل خمر. والودي: صغار النخل.
(٤) الصلا ويرمرم: موضعان.
(٥) معلم: الموضع المرتفع المشرف.