للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما تأثرت الأحكام فيه لتغير الناس وأحوالهم ما لجأ الناس إليه اليوم نتيجة لتطور أساليب الحياة ووسائلها، من ذلك تسجيل قطع الأراضي لأصحابها بذكر أرقام القطع وأحواضها ورسم الخريطة وتحديد الحدود بالرسم العقاري الهندسي بحيث ينضبط معه الملك ضبطًا لا يخشى معه ضياع أي جزء منه ولا تلاشي حق من حقوقه، إن لتسجيل العقار فوائد كثيرة منها: أنه إذا سجل بدفتر خانة الأملاك العقارية يؤمن عليه من العوارض كالضياع ونحوه، ثانيًا بالتسجيل تتخلص ملكية العقار لمن سجل باسمه وينقطع عنه كل نزاع قديم أو ممكن الوقوع، ثالثا: تنضبط مساحة العقار ضبطا يؤمن معه الاستيلاء على أي جزء منه بسبب تحرير تحديده ومساحته وعمل المثال الهندسي الذي يقع التسجيل على طبقه، رابعًا: يؤمنه عليه من كل واضع يده بأي وجه ولا يخشى معه دعوى ما دام التسجيل باسم المالك الحقيقي، خامسًا: يضبط مساحته يعلم العاجرون مقادير ما لا يباشرونه من أملاكهم التي يستبيحها كل من يعلم حقيقتها. سادسا: حفظ جميع الحقوق المرتبة على العقار المسجل من رهن وإنزال ونحوها لمستحقيها عند عدم علمهم بانتقال الحق لهم. سابعًا: صيانة الملك المسجل للصبي والأرملة إذا مات أو فقد مورثهما، ولم يعلما بملكه، ثامنًا: حصول الثقة للمشترين والمرتهنين وغيرهم بتحقق التملك من غير تدليس. تاسعًا: تحقق أن الملك ليس مثقلًا بغير ما تضمنه الصك وبذلك يأمن أصحاب المثال في البيع والرهن وغيرهما. عاشرًا: سهولة التعامل بالملك المسجل للمالك بحيث إن حامل نسخة تسجيل ملكه يتصرف بسهولة على الوجه المأمون. الحادي عشر: توسعة طريق المعاملة بتكرر الرهون مع اختلاف الدائنين ما دامت قيمة الملك قابلة لذلك وربما ارتفع ثمن الملك المسجل عن غيره، إذ التجار والفلاحون وغيرهم يرغبون في الملك المسجل ويؤثرونه على ما ليس بمسجل لما ذكرنا ويكتفي في نقل الملكية بتغيير أسماء المالكين للقطع بالأرقام وتوقيع أصحاب الشأن والشهود خلافًا لما كان عليه الناس من قبل تحديد الحدود شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا بذكر أسماء المالكين والإشهاد على ذلك وذكر كمال عقل البائع والمشتري إلى آخر السلسلة المعروفة في العقود القديمة وعدالة الشهود وأهلية المتبايعين.

ومن هذا القبيل أن الأصل في النكاح أن ينعقد بالإيجاب والقبول ويتم بشهادة الشهود وفشوة من غير حاجة إلى تسجيل لكن لما فسد الناس وضعف الإيمان وخرجت الذمم وصار الزوج يترك الزوجة والأولاد، ولا يخشى الله فيهم أوجبت المحاكم تسجيل عقد النكاح في سجلات ٠البلدية ويعطي الزوجان في ذلك وثيقة رسمية بحيث بدونها لا يعترف النكاح قانونيًّا وما هذا التغيير إلا لتغير أساليب الحياة وتغير أعراف الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>