للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثال ما خالف المشهور جريًا على القول الضعيف، وهذا النوع هو الغالب بيع المضغوط وبيع الثنيا وهو البيع بشرط وعند المالكية الاستثناء في البيع نحو أن يبيع الرجل شيئا ويستثنى بعضه فإن كان الذي استثناه معلومًا كأن يستثني شجرة معينة أو منزلًا من المنازل أو موضوعًا معلومًا من الأرض صح الاتفاق على البيع، وإن كان مجهولًا نحو أن يستثني شيئًا غير معلوم لم يصح البيع لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الثنيا في البيع إلا أن تعلم، فإن أسقط هذا الشرط عن المشتري جاز البيع (١) ومما خالف المشهور جريا على القول الضعيف صرف اليمين إلى الطلاق وتأبيد التحريم للهارب وتضمين الرعات وشهادة الابن مع أبيه والعمل بالخلطة والتحبيس على البنين دون البنات والخلع بالإنفاق على الولد بعد مدة الرضاع.

ومثال ما خالف العمل النصوص الصريحة ترك اللعان وهو مصرح به في القرآن والسنة والاعتداد بالأشهر للحائض بدل الإقراء وترك مراعاة القافة في تحديد النسب.

ومثال ما جرى العمل فيما لم يرد فيه نص كل المسائل المستحدثة كمسألة الخماس وغيرها من القضايا التي لم يرد فيها نص لا بالحلية ولا بالحرمة فيوجد له حكم بطريق القياس أو لأجل الضرورة أو تحقيق مصلحة أو درء مفسدة حتى يستطيع التشريع ملاحقة التطور.

ومثال ما جرى به العرف في قضية لم يرد فيها دليل صريح ولكن فيها شبهة؛ دليل مسألة الصفقة وأجرة الدلال، ومثال ما جرى به العمل على وفق دليل خارج المذهب شهادة اللفيف حيث هي توافق مذهب الأحناف الذي يعتبر الناس كلهم عدولًا وكذلك ترك القافة لأن الحنفية لا يقولون بها.

الدواعي والأسباب المؤدية إلى اختلاف الأعراف والعادات:

إن دواعي تغيير الأعراف كثيرة وأهم أسبابها هي: تغير الأوضاع وفساد الأخلاق وحدوث أنظمة وترتيبات جديدة تبعث على تغيير العادات،ولنوضح ذلك بمثال، فإنه بالمثال يتضح المقال، بمثال وجود الظروف التي تقتضي تغير الحكم الاجتهادي أو تأخير تنفيذه أو إسقاط أثره عن صاحبها، فمن ذلك ما رواه أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تقطع الأيدي في الغزو رواه عن بسر بن أرطأة، قال ابن العربي في شرحه لصحيح الترمذي: اختلف الناس في هذا الحديث على قولين، أحدهما: في رده لضعفه وحكموا بعموم القطع على كل سارق حيث كان البلاء والعمل على هذا عند بعض أهل العلم منهم الأوزاعي لا يرون أن يقام الحد في الغزو وبحضرة العدو مخافة أن يلحق من يقام عليه الحد بالعدو، فإذا خرج الإمام من أرض الحرب ورجع إلى دار الإسلام أقام الحد على من أصابه، كذلك قال الأوزاعي قال ابن العربي: إنه لا يقطع يد من سرق في الغزو لأنه شريك بسهمه فيه وكذلك إن زنى لا يحد، وقال عبد الله في الذي سرق من الغنيمة ما يزيد عن ربع دينار على نصيبه قطع قاله الأوزاعي، قال ابن العربي: وهذا ما لا أعلم له أصلا في الشريعة، والحدود تقام على أهلها كان فيها ما كان ومثال هذه التقية لا تراعى في الآحاد، وإنما تراعى في العموم لما تبقى فيها من العصبية وتراقي الحال كما يقال في أحد التأويلات أن عليا إنما أخر القصاص عن قتلة عثمان طالبًا لوقت فيه الحال حتى يتمكن منهم دون عصبية. (٢)


(١) رواه النسائي والترمذي وصححه عن جابر، نيل الأوطار: ٥ / ١٥١
(٢) صحيح الترمذي بشرح ابن العربي: ٦ /٢٣١، ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>