والأعراف بربرية كانت أو غيرها فالميزان في الأخذ بها أو ردها إنما هو ميزان الشرع فما وافق منها اعتبرناه وما خالف رددناه والمصلحة لا تتحقق بالأحكام الجائرة المخالفة لمقاصد الشريعة وأي مصلحة في حرمان المرأة من ميراثها وأي مصلحة في تنزيل العقاب بغير من جنى، وأي مصلحة في إفساد المال؟ ولذا فكل ما يمس كلية من كليات الشريعة التي هي الدين والنفس والعقل والعرض والمال فهو مردود لأنه محض فجور وفسوق ولا ينتج عنه إلا الخراب والدمار.
العلاقة بين العرف والعادة:
إذا كان مرجع العرف إلى فعل من الأفعال التي تميل إليه النفس ويتكرر فعله حتى يصبح عادة فإذا انتشرت هذه العادة أو العادات بين الناس وقلد بعضهم بعضا فيها أصبح ذلك الفعل عرفًا وبهذا ندرك أن العادة غير العرف وقد ذهب بعضهم إلى أنهما سواء ولقد فرق بعضهم بينهما. فقال: العادة ما كرر الإنسان فعله، فيما يختص بنفسه والعرف ما كرر الناس فعله وألفوه على ممر الأجيال، ولهذا نجد بعض علماء الأصول يعرف العادة بأنها الأمر المتكرر من غير علاقة عقلية أي من قبيل الطبع والمعاودة في التعاطي حتى قيل: العادة طبيعة ثانية بينما المتكرر من علاقة عقلية يصبح من قبيل التلازم وكتكرار حدوث الأثر كلما حدث المؤثر هكذا في التقرير والتحبير (١) .
(١) التقرير والتحبير، لابن أمير الحاج، شرح التحرير، لابن الهمام: ٢ /٧٦٩