برزت فكرة الربط إلى الوجود من نمو الشعور بتعذر القضاء على التضخم، وإذن فأفضل شيء يعمل في ضوء ذلك هو تعلم العيش معه على أفضل ما يستطاع، أو بعبارة أخرى العمل على تلافي ما يمكن تلافيه من آثاره. وهنا برزت فكرة الربط. (١)
وقد كانت سياسة الربط محل حوار ساخن بين الاقتصاديين، ما بين مؤيد ومعارض، كما أنها طبقت فعلاً في بلاد عديدة بصورة أو بأخرى، وأجريت دراسات عديدة حول نتائج هذه التطبيقات ومدى اتفاقها أو اختلافها عما قيل عنها نظرياً، ونظراً لتوفر الدراسات التي تناولت هذه المسألة، ولأن الدخول في تحليل فني مفصل لجزئياتها قد يستغرق حيزاً ليس بالهين، ولأن الذي يعنينا بالدرجة الأولى هو دلالة نتائج هذه الدراسات، من حيث ما لها من أثر في التكييف الشرعي للمسألة، فإننا نكتفي بذكر خطوط عريضة دون الغوص وراء التفسير والتعليل.
٤- ٤- مبررات الربط:
ذهب فريق من الاقتصاديين وخاصة ما يعرف منهم بالنقديين - وعلى رأسهم فريدمان- إلى تحبيذ سياسة الربط (٢) وبعض هؤلاء يرى ضرورة أن تشمل سائر العقود والالتزامات حتى تحقق أهدافها بكفاءة، (٣) وبعضهم يحبذ سياسة الربط الانتقائي، لتعذر الربط الشامل من جهة، ولما قد يولده من آثار حميدة من جهة أخرى، وأهم حجج الربط هي:
١- إن الربط يدني من الآثار السلبية للتضخم على هيكل توزيع الدخول والثروات.
٢- إن الربط وخاصة في الأرصدة المالية يحول دون جعل المدخرات سالبة من جراء التضخم.
ومعنى ذلك أنه يساعد على النمو الاقتصادي، كما أنه يحول دون وقوع الاقتصاد في براثن الركود وتفشي البطالة، كما أنه ومن خلال التحفيز القطاعي يساعد في حسن تخصيص الموارد.
(١) أبدجمان، مرجع سابق (ص ٤٣١) ؛ كروين، مرجع سابق (ص ١٩٩) (٢) أبدجمان، مرجع سابق، (ص ٤٣٢ وما بعدها) ؛ د. محمد عبد المنان: ربط القيمة بتغير الأسعار، من أعمال حلقة ربط الحقوق بتغير الأسعار، من وجهة النظر الإسلامية (ص ٣ وما بعدها) ؛ د. منور إقبال. مزايا ربط المعاملات بمستوى الأسعار ومساوئه، من أعمال حلقة ربط الحقوق المذكورة (ص ٥ وما بعدها) M. Friedman, Monetary Corriection, London: Institute of Economic Affars, ١٩٧٤ (٣) موريس آليه، الظروف النقدية لاقتصاد السوق، محاضرة ألقاها بالبنك الإسلامي للتنمية في ٩/٢/١٩٩٢