ودلّ على هذا النوع من الشفاعة، جملة من الأحاديث المتواترة المتضافرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال عنها الإمام ابن عبد البر:" والآثار في هذا كثيرة متواترة والجماعة أهل السنة على التصديق بها، ولا ينكرها إلا أهل البدع "(١) فأخرج مسلم في صحيحه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا، فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ، وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ - أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ - فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا، أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ، فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ، فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ «(٢).
وأخرج أيضاً من حديث جابر رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إِنَّ قَوْمًا يُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ يَحْتَرِقُونَ فِيهَا، إِلَّا دَارَاتِ وُجُوهِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ»(٣).
وهؤلاء هم الجهنميون، فعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، يُسَمَّوْنَ الجَهَنَّمِيِّينَ»(٤).
وعن أنس رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا مَسَّهُمْ مِنْهَا سَفْعٌ، فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، فَيُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الجَنَّةِ: الجَهَنَّمِيِّينَ»(٥).
(١) ابن عبد البر التمهيد، وزارة عموم الأوقاف - المغرب، ١٣٨٧ هـ، (١٩/ ٦٩) (٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدون من النار ح (١٨٥). (٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة ح (١٩١). (٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار ح (٦٥٦٦). (٥) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار ح (٦٥٥٩).