فأقوال العلماء في هذه المسألة أكثر من أن تحصر، كلها تدل على إثبات الصراط الحقيقي، بمواصفاته الواردة في السنة النبوية المطهرة، يؤمنون بها دون تأويل أو تحريف، أو رد وإنكار.
وهذا فيه" إشارة إلى وجود الصراط، إذ لا يكون الورود إلا بالمرور على الصراط على متن جهنم"(١).
يقول الإمام الطبري في معنى الورود:" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: يردها الجميع، ثم يصدر عنها المؤمنون، فينجيهم الله ويهوي فيها الكفار، ووروده هو ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مرورهم على الصراط المنصوب على متن جهنم، فناج مسلّم ومكدس فيها "(٢).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه في الآية:"الصراط على جهنم مثل حد السيف"(٣).
قال أهل التفسير: المراد بقوله تعالى: {إِلَّا وَارِدُهَا}[مريم:٧١]: يعني: النار، أو المرور. واختلفوا في المراد بالورود على أقوال:
١ - المراد بالورود: الدخول، وعليه جمهور أهل السنة (٤). وهو قول علي وابن عباس رضي الله عنهم، ورجحه الإمام القرطبي.
(١) غالب عواجي: الحياة الآخرة، دار لينة- مصر، ط ١ ١٤١٧ هـ (٣/ ١٢٢٦) (٢) الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (١٨/ ٢٣٤) (٣) ابن أبي زمنين: تفسير القرآن العزيز، الفاروق الحديثة - القاهرة، ط ١ ١٤٢٣ هـ (٣/ ١٠٢) (٤) النسفي: مدارك التنزيل، دار الكلم الطيب -بيروت، ط ١ ١٤١٩ هـ، (٢/ ٣٤٧) (٥) القرطبي: التذكرة، دار المنهاج - الرياض، ط ١ ١٤١٥ هـ، ص (٧٥٩)، النووي: شرح مسلم (١٦/ ٥٨)، ابن رجب: التخويف من النار، ص (٢٤٦)، العراقي: طرح التثريب: (٢/ ٢٥١ - ٨/ ٢٧٨)