أشار الإمام الغزالي في كلامه السابق إلى مسألتين، هي مثار حديث عند الأئمة وهما:
١ - حساب الله جل وعلا للأنبياء وسؤالهم.
٢ - حساب الله جل وعلا للكفار وسؤالهم.
ومنطوق كلام الإمام الغزالي السابق، أن الأنبياء يسألون عن تبليغ الرسالة ويسأل الكافر عن تكذيبهم للرسل، وبيان هاتين القضيتين في المسألتين التاليتين:
[المسألة الثالثة: حساب الأنبياء وسؤالهم عليهم الصلاة والسلام]
دلت النصوص على سؤال الأنبياء يوم القيامة، قال الله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦)} [الأعراف:٦].
قال ابن عباس رضي الله عنهما، في هذه الآية: يسأل الله الناس عما أجابوا المرسلين ويسأل المرسلين عما بلغوا، وقال السدي: ولنسألن الرسل: هل بلغوا ما أرسلوا به؟ (١).
{لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ}[الأحزاب:٨]، قال مجاهد: يعني: المبلغين المؤدين من الرسل (٢)، وقال السدي: يعني الأنبياء (٣).
وهذا السؤال سؤال تقرير، يعقبه رحمة وكرامة (٤)، فإن قيل: وأي حكمة في سؤالهم عن تبليغ الرسالة؟ قيل: الحكمة في ذلك: تبكيت الذين أرسلوا إليهم (٥).
قال العلامة مكي بن أبي طالب:" ومعنى سؤال الله جل ذكره عن ذلك الرسل، وهو عالم به، أنه على التبكيت والتوبيخ للذين كفروا "(٦).
(١) الطبري: جامع البيان،: ص (١٢/ ٣٠٦) (٢) مجاهد: تفسير مجاهد: ت: د. محمد أبو النيل، ص (٥٤٧) (٣) ابن سلام: تفسير يحي بن سلام، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٢٥ هـ (١/ ٥٠) (٤) ابن عطية: المحرر الوجيز،، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٢٢ هـ (٢/ ٣٧٥) (٥) السمعاني: تفسير القرآن، دار الوطن - الرياض، ط ١ ١٤١٨ هـ (٤/ ٢٦٢) (٦) مكي بن أبي طالب: الهداية، مجموعة بحوث الكتاب والسنة (٩/ ٥٧٩٠).