فهو سبحانه وتعالى سريع الحساب يوم القيامة، حيث لا يشغله محاسبة واحد عن الآخر، سريع المجازاة للعباد بأعمالهم، فيحاسبهم في حالة واحدة لا يشغله شأن عن شأن، قال الحسن: حسابه أسرع من لمح البصر (١).
٦ - بيان تعنت الكفار وتكذيبهم بالحساب، أو تناسي بعض العصاة له:
قال الله تعالى عن الكفار: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (٢٧)} [النبأ: ٢٧].
قال مجاهد في تفسير الآية: لا يبالون الحساب ولا يخافونه ولا يصدقون بالغيب والبعث (٢)، فلم يكونوا يعتقدون أن ثَم داراً يجازون فيها ويحاسبون (٣)، ولهذا قال في الآية بعدها: {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (٢٨)} [النبأ: ٢٨]، وقال جل وعلا في هذا المعنى: {وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (٢٧)} [غافر:٢٧]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (٢٦)} [ص:٢٦].
ومعناه: لهم عذاب شديد يوم الحساب بما نسوا: أي تركوا أمر الله وغفلوا عن القيامة (٤).
(١) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٨٤ هـ، (٢/ ٤٣٥). (٢) مجاهد: تفسير مجاهد ت: د. محمد أبو النيل، ص (٦٩٥). (٣) ابن كثير: ت: سامي سلامة (٨/ ٣٠٧). (٤) السمعاني: تفسير القرآن (٤/ ٤٣٧).