يقول الإمام الطبري:" وإنما وصف جل ثناؤه نفسه بسرعة الحساب، لأنه جل ذكره يحصي ما يحصي من أعمال عباده بغير عقد أصابع، ولا فكر ولا روية، فعل العجزة الضعفة من الخلق ولكنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما، ثم هو مُجاز عباده على كل ذلك، فلذلك امتدح نفسه جل ذكره بسرعة الحساب"، وقال الإمام البغوي في معنى الآية:" أي: حسابه واقع لا محالة، وكل ما هو واقع لا محالة فهو سريع "(١)، ولذا امتدح الرب نفسه في الآية الأخرى بأنه جل في علاه أسرع الحاسبين فقال: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (٦٢)} [الأنعام:٦٢].
وقد كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -على الأحزاب قوله:(اللهم منزل الكتاب سريع الحساب، اللهم اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم)(٢).
(١) الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (٢٢/ ٤٨٧). (٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة ح (٢٩٣٣)، وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الجهاد والسير، باب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو ح (١٧٤٢) دار إحياء التراث العربي - بيروت، ت: محمد فؤاد عبد الباقي.