قوله تعالى:{رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ؛} قرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير: «(ربّ السّماوات)» برفع الباء، و «(الرّحمن)» بالرفع أيضا على معنى:
هو ربّ السّماوات والأرض وما بينهما وهو الرحمن، وإن شئت قلت:(ربّ) مبتدأ و (الرّحمن) خبره.
وقرأ ابن عامر (١) ويعقوب كلاهما بالخفض على البدل من «(ربك)».
وقرأ حمزة والكسائي وخلف «(ربّ)» بالخفض، و «(الرّحمن)» رفعا، قال أبو عبيدة:
«وهذه القراءة أعدلها (٢) عندي؛ لأنّ قوله تعالى (ربّ) قريب من (ربّك) فيكون نعتا له. وارتفع (الرّحمن) لبعده عنه، فيكون مبتدأ وما بعده خبره» (٣).
قوله تعالى:{لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً}(٣٧)؛قال مقاتل:«لا تقدر الخلق أن يكلّموا الرّبّ إلاّ بإذنه».وقال الكلبيّ:«معناه: لا يشفعون إلاّ بإذنه».
وقيل: لا يتجرّأ أحد أن يتكلّم في عرصات القيامة إلاّ بإذنه.
ثم وصف ذلك اليوم فقال تعالى:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا؛} قيل: معناه: في يوم يقوم الرّوح.
واختلفوا في الرّوح، قال الشعبيّ والضحاك:«هو جبريل الّذي سمّاه الله الرّوح الأمين».وقال ابن عبّاس:«هو ملك من أعظم الملائكة خلقا».وقال ابن مسعود:«هو ملك عظيم أعظم من السّماوات ومن الجبال، وأعظم من الملائكة، وهو يسبح في السّماء الرّابعة كلّ يوم اثني عشر ألف تسبيحة، يخلق الله من كلّ تسبيحة ملكا»(٤).
وقال مجاهد وقتادة:«الرّوح خلق من خلق الله على صورة بني آدم وليسوا منهم، يقومون صفّا، والملائكة صفّا، هؤلاء جند، وهم جند».وعن ابن عبّاس:«أنّه ملك لم يخلق الله في الملائكة أعظم منه»(٥)،فإذا كان يوم القيامة قام وحده صفّا،
(١) في المخطوط كرر (عامر) والصواب: (عاصم). (٢) في المخطوط: (أعدلهما) وهو غير مناسب، ونقله عنه ما أثبتناه، وكما في الكشف والبيان: ج ١٠ ص ١١٩،والجامع لأحكام القرآن: ج ١٩ ص ١٨٦. (٣) نقله أيضا الثعلبي في الكشف والبيان: ج ١٠ ص ١١٩.والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٩ ص ١٨٦. (٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٧٩٩٤). (٥) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٧٩٩٥).