سورة الحاقّة مكّيّة، وهي ألف وأربعة وثمانون حرفا، ومائتان وستّ وخمسون كلمة، واثنتان وخمسون آية. قال صلّى الله عليه وسلّم:[من قرأها حاسبه الله حسابا يسيرا](١).وبالله التّوفيق.
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ} (٢)؛اسم من أسماء القيامة، سمّيت به حاقّة لأنّها حقّت فلا كاذبة لها، ولأنّ فيها حواق الأمور وحقائقها، وفيها يحقّ الجزاء على الأعمال؛ أي يجب، يقال: حقّ عليه الشيء إذا وجب، قال الله تعالى:{وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ}(٢)،ولا يكون في القيامة إلاّ حقائق الأمور.
وقوله تعالى: {(مَا الْحَاقَّةُ)} استفهام بمعنى التفخيم لشأنها، كما يقال:
زيد ما هو؟ على التعظيم لشأنه،
ثم زاد في التّهويل فقال:{وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ}(٣)؛أي كأنّك لست تعلمها إذا لم تعاينها، ولم تر ما فيها من الأهوال.
قوله تعالى:{كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ}(٤)؛أي بطغيانهم وكفرهم، هذا قول ابن عبّاس ومجاهد، كذبوا بالقيامة فأهلكهم الله، والقارعة من أسماء القيامة، سمّيت بذلك لأنّها تقرع القلوب بالأهوال والمخافة.
قوله تعالى:{فَأَمّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطّاغِيَةِ}(٥)؛أي بطغيانهم وكفرهم، هذا قول ابن عبّاس ومجاهد، وقال آخرون: يعني أهلكوا بالصّيحة الطاغية، وهي التي جاوزت الحدّ والمقدار.
(١) أخرجه الثعلبي في الكشف والبيان: ج ١٠ ص ٢٥ عن أبي بن كعب بإسناد واه. (٢) الزمر ٧١/.