قال ابن مسعود:(التّوبة النّصوح أن تكفّر كلّ سيّئة)(١)،وقال أبو ذرّ:
(النّصوح: الصّادقة) أي يتوبوا توبة صادقة، يقال: نصحته أي صدّقته. وقيل: النّصوح المستقيمة المتقنة التي لا يلحقها النقص والإبطال. وقال الفضيل:(التّوبة النّصوح: أن يكون الذنب نصب عينيه، ولا يزال كأنّه ينظر إليه)(٢)،وقال أبو بكر الورّاق:(هو أن تضيق الأرض عليك بما رحبت، وتضيق عليك نفسك كتوبة الثّلاثة الّذين خلّفوا)(٣).
وقال الدقّاق:(هي ردّ المظالم، واستحلال الخصوم، وإدمان الطّاعات)(٤).
وقال ذو النّون:(علامتها ثلاثة أشياء: قلّة الكلام، وقلّة الطّعام، وقلّة المنام)، وقال بعضهم: هي أن يكون لصاحبها دمع مسفوح وقلب من المعاصي جموح، فإذا كان كذلك فهي توبة نصوح.
وقال فتح الموصليّ (٥): (علامتها ثلاثة: مخالفة الهوى، وكثرة البكاء، ومكابدة الجوع والظّمأ).وقال شقيق البلخيّ (٦): (هي أن يكثر صاحبها لنفسه الملامة، ولا يقلع من النّدامة).وقال الجنيد:(هي أن ينسى ما سوى الله، ولا يذكر إلاّ الله)(٧).
قوله تعالى:{عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ؛} هذا وعد من الله لأنّ (عسى) من الله واجبة، والصّلوات الخمس كفّارات لما بينهنّ ما اجتنبت الكبائر. قوله تعالى:{وَيُدْخِلَكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ؛}
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: الحديث (٣٨٨٤) وقال: حديث صحيح. (٢) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٨ ص ١٩٨. (٣) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٨ ص ١٩٨. (٤) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٨ ص ١٩٨. (٥) فتح بن سعيد الموصلي، (وكان فتح رجلا من العرب شريفا زاهدا).ترجم له أبو نعيم في حلية الأولياء: ج ٨ ص ٢٩٤. (٦) شقيق بن إبراهيم البلخي، أحد الزهاد من المشرق، ترجم له أبو نعيم في حلية الأولياء: ج ٨ ص ٥٨. (٧) نقل هذه الأقوال أيضا القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٨ ص ١٩٨ - ١٩٩.