حطبها الناس والحجارة، يعني حجارة الكبريت، والمعنى: اعملوا بطاعة الله وانتهوا عن معصيته، وعلّموا أولادكم وأهليكم الاجتناب عما تجب لهم به النار. وعن عمر رضي الله عنه: أنّه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله نقي أنفسنا، فكيف لنا بأهلنا؟ قال:
[تنهوهم عمّا نهاهم الله عنه، وتأمروهم بما أمركم الله به](١).
قوله تعالى:{عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ؛} أي على النار ملائكة غلاظ الأخلاق شداد أقوياء الأخذ والعقوبة، يدفع الواحد منهم في الدفعة الواحدة سبعين ألفا في جهنّم، لم يخلق الله فيهم شيئا من الرحمة، {لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ؛} من تعذيب أهلها، {وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ}(٦)؛من ذلك، جعل الله سرورهم في تعذيب المعذبين كما جعل سرور المؤمنين في الجنّة. وجاء في الخبر:[أنّ الملك منهم يكسر عظام المعذب، فيقول له: ألا ترحمني؟ فيقول له: كيف أرحمك وأرحم الرّاحمين لم يرحمك].
قوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ؛} أي لا تعتذروا اليوم فيما قدّمتم لأنفسكم، إنه لا تقبل منكم الأعذار، {إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}(٧)؛في الدّنيا، ولا تظلمون بزيادة على ما تستحقّون من العذاب.
قوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً؛} قال ابن عبّاس: (التّوبة النّصوح: هي النّدم بالقلب، والاستغفار باللّسان، والإقلاع بالبدن، والإضمار على أن لا يعود)(٢).وعن معاذ بن جبل قال: يا رسول الله ما التّوبة النّصوح؟ قال:[أن يتوب التّائب ثمّ لا يرجع في ذلك، كما لا يعود اللّبن في الضّرع](٣).
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٦٦٩٣) عن علي موقوفا، و (٢٦٦٩٤) عن ابن عباس، و (٢٦٦٩٥) عن مجاهد، و (٢٦٦٩٦) عن قتادة. (٢) في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٨ ص ١٩٨ نقله القرطبي عن الكلبي. (٣) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٢٢٧؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال معاذ بن جبل) وذكره.