الشّجرة، قال أبو علي الفارسي:(لا يجوز أن يحمل الغلي على المهل؛ لأنّ المهل إنّما ذكر للتّشبيه به في الذوب، ألا ترى أنّ المهل لا يغلي في البطون إنّما يغلي ما شبه به)(١).
قوله تعالى:{كَغَلْيِ الْحَمِيمِ}(٤٦)؛يعني الماء الحارّ إذا اشتدّ غليانه.
وقوله تعالى:{خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ}(٤٧)؛يقال للزّبانية: {(خُذُوهُ)} يعني الآثم {(فَاعْتِلُوهُ)} أي قودوه بالعنق دفعا وسحبا إلى وسط الجحيم، يقال: عتله يعتله، ويعتله إذا جرّه وذهب به إلى مكروه، وقال مجاهد:(فادفعوه على وجهه إلى وسط الجحيم)(٢).وقيل للوسط: سواء لاستواء المسافة بينهما وبين أطرافه المحيطة به.
قوله تعالى:{ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ}(٤٨)؛قال مقاتل (٣): (إنّ خازن النّار يضربه على رأسه «بمقمعة من حديد» فينقب رأسه عن دماغه، ثمّ يصبّ فيه ماء حميما قد انتهى حرّه، ويقول له):
{ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}(٤٩).
وذلك أنّ أبا جهل قال للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: بأيّ شيء تهدّدني! فو الله ما تستطيع أنت ولا ربّك «أن» تفعلا (٤) بي شيئا، وإنّي لمن أعزّ أهل هذا الوادي وأكرمهم! فيقول له الملك: ذق العذاب أيّها المتعزّز المتكرّم في زعمك كما كنت تقوله (٥).وقرأ الكسائيّ «(أنّك)» بالفتح على تقدير: ذق بأنّك أو لأنّك أنت العزيز الكريم، أو بهذا القول الذي قلته في الدّنيا) (٦).
(١) ذكره بمعناه أبو علي الفارسي في الحجة للقراء السبعة: ج ٤ ص ٣٨٧. (٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤١٠٤) عن مجاهد، والأثر (٢٤١٠٥) عن قتادة، وجمع بين اللفظين الإمام الطبراني في نص واحد. (٣) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٢٠٨. (٤) (أن) سقطت من المخطوط. (٥) ذكره الفراء في معاني القرآن: ج ٣ ص ٤٣ - ٤٤. (٦) ذكره الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج ٤ ص ٣٢٦؛وقال: (الناس كلهم على كسر (إِنَّكَ) إلا الكسائي وحده، فإنه قرأ: ذق أنك أنت)