قوله تعالى:{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ؛} يعني بالطاعات؛ {فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(١٠٢)؛وقيل: فمن ثقلت موازينه بكلمة التّوحيد، فأولئك هم المفلحون، قال صلّى الله عليه وسلّم:[ولو وضعت السّماوات السّبع وما فيهنّ والأرض في كفّة، رجحت بجميع ذلك](١).
{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ؛} قيل: الفلح هو الإحراق، يقال: لفحته النار إذا أحرقته، وتأثير الفلح أعظم من تأثير النّفح، والنفح مذكور في قوله {نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ}(٢).قوله تعالى:{وَهُمْ فِيها كالِحُونَ}(١٠٤)؛الكلوح: تقلّص الشّفتين عن الأسنان حتى تبدو الأسنان.
قال الحسن:(تغلظ شفاههم، وترتفع شفته العليا، وتنزل شفته السّفلى، فتظهر الأسنان، فهو أقبح ما يكون).قال صلّى الله عليه وسلّم:[وتشويه النّار حتّى تقلّص شفته العليا فتبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السّفلى حتّى تبلغ سرّته](٣)،قال ابن مسعود:(ألم تر إلى الرّأس المسموط بالنّار كيف بدت أسنانه وقلّصت شفتاه)(٤).
{قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا؛} بكثرة معاصينا، {وَكُنّا قَوْماً ضالِّينَ}(١٠٦)؛في الدّنيا فلم نهتد. قرأ الكوفيّون غير عاصم: «(شقاوتنا)» بالألف وفتح الشّين، وهما بمعنى واحد. الشّقوة: هي المضرّة اللاّحقة في العاقبة،
(١) الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أخرجه الطبراني في الأوسط: ج ٥ ص ٣٦٥: الحديث (٤٧٢٢) وهنا ساقه بمعناه. والترمذي في الجامع: أبواب الإيمان: باب ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله: الحديث (٢٦٣٨)،وقال: حديث حسن غريب. (٢) الأنبياء ٤٦/. (٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ٣ ص ٨٨.والترمذي في الجامع: أبواب التفسير: الحديث (٢٥٨٧).والحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: باب بيان عذاب أهل النار: الحديث (٣٥٤٢). (٤) في الدر المنثور: ج ٦ ص ١١٨؛ قال السيوطي: (أخرجه أبو نعيم في الحلية).