قوله تعالى:{بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ؛} أي أعطيناهم القرآن الذي فيه عزّهم وشرفهم، وأمروا بالعمل بما فيه، {فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ؛} القرآن، {مُعْرِضُونَ}(٧١)؛وهو نظير قوله {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}(١) وقوله {كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ}(٢) والمعنى: تولّوا عمّا جاءهم به من شرف الدّنيا والآخرة.
قوله تعالى:{أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ؛} معناه: أم تسألهم على تبليغ الرّسالة الجعل فيتثاقلون لذلك، قوله تعالى: {(فَخَراجُ رَبِّكَ)} أي ما وعد الله لك من الأجر والثواب في الآخرة، {وَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ}(٧٢)؛أي أفضل المعطين. وأصل الخرج والخراج: الضريبة والعلّة، كخراج الأرض.
وقال النضر بن شميل:(سألت أبا عمرو بن العلاء عن الفرق بين الخرج والخراج، فقال: الخراج ما لزمك ووجب عليك أداؤه، والخرج ما تبرّعت به من غير وجوب)(٣)،
قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}(٧٣)؛أي إلى طريق قائم يرضاه الله وهو الإسلام.
قوله تعالى:{وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ}(٧٤) معناه: وإنّ الذين لا يصدّقون بالقيامة عن دين الحقّ لناكبون؛ أي مائلون عادلون، ومنه النّكباء. وقيل: معناه: إنّهم في الآخرة عن صراط جهنّم يسقطون يمنة ويسرة.
قوله تعالى:{*وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ}(٧٥)؛أي ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من الشدّة التي أصابت أهل مكّة من الجوع والقحط الذي أخذهم سبع سنين للجّوا في طغيانهم؛ أي لتمادوا في ضلالتهم يتحيّرون ويتردّدون. وقيل: ولو رحمناهم في الآخرة فرددناهم إلى الدّنيا لعادوا إلى الكفر كما كانوا. قال الله تعالى:{وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ}(٤).
(١) الزخرف ٤٤/. (٢) الأنبياء ١٠/. (٣) ذكره الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٧ ص ٥٢.والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٢ ص ١٤٢ مختصرا. (٤) الأنعام ٢٨/.