قوله تعالى:{لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ}(٣٨)؛أي لكلّ مدّة من آجال العباد في الحياة والفناء كتاب قد كتب الله ذلك للملائكة؛ ليدلّهم به على علمه بالأشياء.
قوله تعالى:{يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ؛} قال ابن عباس: (يمحو الله ما يشاء من ديوان الحفظة ما كتبوه من أعمال العباد ما لا جزاء له، ويترك ما له الثّواب والعقاب).وقال الضحّاك:(يمحو الله ما يشاء من القرآن فينسخه، ويثبت ما يشاء فلا ينسخه)،وعن الحسن:(يمحو أجل من حان أجله، ويدع أجل من لم يحن أجله ميّتا)(١).وقيل: يمحو الله ما يشاء من الطاعات بإحباطها بالمعاصي، ومن المعاصي بتكفيرها بالطاعات.
وقد اختلفوا: هل يدخل في المحو والإثبات السعادة والشقاوة، والموت الحياة أم لا؟ قال ابن عبّاس:(لا يدخل)،وقال عمرو بن مسعود:(تدخل فيه السّعادة والشّقاوة)،وكان من دعاء عمر:(اللهمّ إن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، وإن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء، فإنّك تمحو وتثبت ما تشاء وعندك أمّ الكتاب)(٢).
قوله تعالى:{وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ}(٣٩)؛أي أصل الكتاب، قيل: إنه اللوح المحفوظ كتب الله فيه كلّ شيء قبل أن يخلق العباد، ولا يزاد فيه شيء ولا ينقص منه شيء.
قوله تعالى:{وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ؛} أي فإما نرينّك يا محمّد بعض الذي نعدهم من نصر المؤمنين على الكفّار، أو نقبضك إلينا قبل أن يكون ما نعدهم من العذاب في حياتك، {فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ؛} أي بلاغ ما أنزل إليك، {وَعَلَيْنَا الْحِسابُ}(٤٠)؛وعلينا حساب ما يعملون، والجزاء عليه.
قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها؛} قال ابن عبّاس: (معناه أولم ير أهل مكّة أنّا ننقص الأرض من أطرافها بفتح ديارهم للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٥٥٤٥). (٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٥٥٣٢).