كلمة الشارع في الرؤيا والإلهام، ثم نمثل لهما بمثالين كثر إيرادهما في مبحث الكرامات:
أما الإِلهام؛ فالمراد به الإِلهام الخاص دون العام الذي قال الله فيه:{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}[الشمس: ٧ - ٨].
والإِلهام الخاص هو الذي عبر عنه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالتحديث؛ إذ قال:«لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ نَاسٌ مُحَدَّثُونَ؛ فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ؛ فَإِنَّهُ عُمَرُ»(٦٤). أخرجه الشيخان.
وعبر عنه أيضاً بالفراسة، فقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ»، ثم قرأ قوله تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}[الحجر: ٧٥](٦٥)؛ قال:" المتفرسين ".
(٦٤) أخرجه البخاري في (كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب، ٧/ ٤٢/ ٣٦٨٩) عن أبي هريرة، ومسلم في (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر رضي الله عنه، ٤/ ١٨٦٤/ ٢٣٩٨) عن عائشة. (٦٥) ضعيف: أخرجه الترمذي (٨/ ٥٥٤ - ٥٥٥/ ٥١٣٣ - تحفة)، وغيره- ممن ذكرهم المؤلف- من طريق عطيّة عن أبي سعيد الخُدري به، وقال: " هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه ". قلتُ: وعلّته عطيّة- وهو ابن سعد العوفي الكوفي-؛ فإنه ضعيف مدلّس كما في " الميزان " و " التقريب ". وللحديث طرق أخرى عن غير واحد من الصحابة، لكن كلّها معلولة لا يصح منها شيء. انظر: " المقاصد الحسنة " (٢٣) للسخاوي، و " الضعيفة " (١٨٢١) للألباني. " تنبيه ": وأمّا زيادة المؤلف في آخر هذا الحديث: " قال: المتفرسين "؛ فلم أقف عليها مرفوعة إلى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فهي مدرجة! نعم، قال الترمذي بعد قوله السابق: " وقد رُوي عن بعض أهل العلم في تفسير هذه الآية: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}، قال: لِلمتفرسين "، والعلم عند الله تبارك وتعالى.