للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلْتُ: لكن لو حصل الإجماع من خلال القياس أو غيره من أصول الشريعة فهو صحيح، خلافا لابن حزم والظاهرية، الذين ينكرون القياس ويرفضونه. وقد قال الزهري - في مسألة قضاء الصلاة والصيام للحائض - قال: تقضي الحائض الصوم، ولا تقضي الصلاة. قال معمر: عمن قال؟ قال: اجتمع الناس عليه، وليس في كل شيء نجد الإسناد (١).

وقال الآمدي في «الإحكام في أصول الأحكام» (١/ ٢٠٣): ففيه تجويز وقوع الإجماع من غير دليل، وذلك محال مانع من صحة الإجماع .. وإن كان الإجماع لابد له من دليل فلا نسلم انحصار دليله في الكتاب والسنة ليصح ما ذكروه؛ لجواز أن يكون مستندهم في ذلك إنما هو القياس والاستنباط على ما يأتي بيانه.

وقال الصنعاني في «إجابة السائل شرح بغية الأمل»

(ص ١٤٩): … والحالة أنه لابد للإجماع من دليل يستند إليه أهلُ الإجماع، فلا يقع إلا عن دليل شرعي؛ لما علم من أن الأحكام الشرعية لا تكون إلا عن مستند، فإنه لا يقدم مجتهد والأمة على حكم لا مستند له، ولكنه لا يلزمنا معرفة مستندهم؛ لأنه إنما يلزمنا معرفة دليل الحكم مثلا، وقد قام الإجماع على الحكم الواقع فيه الإجماع، وحينئذ فلا يلزمنا إلا معرفةُ الإجماع؛ لأنه قد صار الدليل في ذلك الحكم، ولذا قلنا: وإن جهلناه، ثم


(١) انظر الاستذكار لابن عبد البر (١/ ٣٣٩)، وشرح ابن بطال للبخاري (١/ ٤٤٨)، وفتح الباري لابن رجب (١/ ٥٠٢). وأثر الزهري، أخرجه عبد الرزاق (١٢٨٠).

<<  <   >  >>