للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد، فإنَّ شرائعَ الدين إنَّما تُؤخَذُ من كتاب الله وسُنَّة رسوله ، وقد تكفَّل الله بحفظ كتابه الذي ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ … تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدِ﴾ [فصلت: ٤٢].

وكذا حَفِظَ سُنَّةَ نبيِّه ، فقال عنهما: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ﴾ [الحجر: ٩].

والذي عليه المحققون من أهل العلم كالشافعي وغيره، أنَّ الذكر المحفوظ إنما هو القرآن والسُّنَّة، وكلاهما وحي من الله ، وقد سخَّر الله رجالاً لذلك، واختص نبيه برجال صادقين صالحين ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَنْ يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: ٢٣]، إنهم صحابة رسول الله ، جعلهم الله خير أمة، إنهم السابقون إلى تصديقه وتبعيته، إنهم المجاهدون بين يديه، والناقلون لسنته وقضاياه، المقتدون به في أفعاله ومزاياه، فلا خير إلا وقد سبقوا إليه مَنْ بعدهم، ولا فضل إلا وقد استفرغوا فيه جهدهم، فجميع هذا الدين راجع إلى نقلهم وتعليمهم، ومُتَلَقَّى من جهتهم بإبلاغهم وتفهيمهم، فلهم مثل أجور كل من اهتدى بشيء من ذلك على مر الأزمان، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء بالطول والإحسان (١).

وإن أولى ما نظر فيه الطالب، وعُني به العالم - بعد كتاب الله ﷿


(١) بعض هذا الكلام مقتبس من كلام العلائي في كتابه الفذ «منيف الرتبة لمن ثبت له شرف الصحبة» ص ٣١ - ٣٢.

<<  <   >  >>