وأمّا إذا قالَ:((نحوَهُ)) فهوَ في ذلكَ عندَ بعضِهِمْ كما إذا قالَ: ((مِثلَهُ)). نُبِّئنا بإسنادٍ عن وكيعٍ، قالَ: قالَ سفيانُ: إذا قالَ: نَحوَهُ، فهوَ حديثٌ)).
فهذا ظاهرُهُ أنّ تعبيرَ سُفيانَ بقولِهِ:((حديث)) تسويةٌ منهُ بينَ ((نحوهِ))، و ((مثلهِ)) (١).
وتابعهُ الشَّيخُ (٢) على هذا الفهمِ، فَساقَ عبارةَ سفيانَ في ((مثلهِ))، و ((نحوهِ)) في القولِ الثاني. فإنَّ ظاهرَ ذلكَ أنَّهُ فَهِمَ أنهما سواءٌ، وليسَ كذلكَ، بلْ الظاهر أنَّ التعبيرَ ((يُجزيءُ)) معناهُ: يَكفي التعبيرُ بالمثلِ في تسويغِ الروايةِ لمتنِ السَّندِ الأولِ، بالسَّندِ الثاني.
وقولُهُ:(فهوَ حديثٌ)(٣)، أي: آخرُ (٤)، كما هو مُقتضَى التنوينِ، فهوَ موازنٌ لقولِ شُعبةَ:((شَكّ)).
ثمّ إنَّ هذا القولَ الثاني جَعَلهُ الشَّيخُ شاملاً لـ ((نحوهِ))، ولم يذكرْهُ ابنُ الصَّلاحِ إلا في مثلهِ خاصة، فإنّهُ قالَ:((إذا رَوَى المحدِّثُ الحديثَ بإسنادٍ ثمّ أتبعَهُ بإسنادٍ آخرَ، وَقالَ عندَ انتهائِهِ: ((مثلَهُ)) فأرادَ الراوي عنهُ أنْ يَقتصرَ عَلَى
(١) قال النووي في " الإرشاد " ١/ ٤٩١: ((ففرق ابن معين بين مثله، ونحوه)). وانظر: الاقتراح: ٢٤١، وجواهر الأصول في علم حديث الرسول: ١٢٣، وتدريب الراوي: ١٢٠. (٢) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١٠. (٣) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١٠. (٤) قال السخاوي في " فتح المغيث " ٢/ ٢٦١: ((وعن عبد الرزاق، قال: قال النووي: إذا كان مثله، يعني: حديثاً قد تقدم، فقال: مثل هذا الحديث الذي تقدم، فإن شئت فحدث بالمثل على لفظ الأول))، وهذا الأثر نقله الخطيب بسنده في " الكفاية ": ٢١٢ - ٢١٣، ثم قال عقبه: ((قال عبد الرزاق: وكان شعبة لا يرى ذلك)). ومن هذا النقل عن النووي تبين أنه لم يرد حديثاً آخر غيره، والله أعلم.