فترجيعهُ إِلَى الخلفِ بأنْ يقالَ: إذا كانوا غيباً فالمعنى: أنهم أهلٌ لأن تُغزَى أهلُهم؛ لأنهم يكونونَ خلفَ غازيهم، ويكونُ هُوَ خلفَهم، فيتمكنُ مِمَّا يريدُ منهم، وإذا كانوا حضوراً، فالمعنى: أنهم أهلٌ لأنْ يتنكبَ غازيهم أهلَهم، أي: يعرضَ عنهم ويوجهَ إِلَى جهةٍ غيرِ جهتِهم؛ ليكونوا خلفَهُ، أي: خلوفاً لَهُ كما كانوا خلوفاً لَهُ، لما كانوا بحيث تُغزَى أهلهم، وهم غيبٌ، واللهُ أعلم.
قولُهُ: / ١٦٩ ب / (بكون راويها أحفظَ وأكثرَ صحبةً للمروي عنهُ)(٢) لا يقالُ: هذهِ العلةُ إنما تأتي (٣) فِي أكثرَ منْ راوٍ واحدٍ، فإنهُ يمكن أن يكونَ الراوي الواحدُ في بعضِ الأزمان أحفظَ منهُ في بعضِها، ويكون أكثرَ صحبةً لأحدِ الشيوخِ الذين رَوَى عَنهُم ذَلِكَ الحديثَ الذِي اضطربَ فيهِ.
قلتُ (٤): قولُهُ: (مثال الاضطرابِ في السندِ: ما رواهُ أبو داودَ (٥) وابنُ ماجه (٦)) (٧) ورواهُ أحمدُ (٨) وابنُ حبّانَ (٩)، قالَ ابنُ عبد الهادي: ((هوَ حديثٌ
(١) التبصرة والتذكرة (٢١٢). (٢) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٩١. (٣) في (ف): ((تتأتى)). (٤) لم ترد في (ب). (٥) سنن أبي داود (٦٨٩) و (٦٩٠). (٦) سنن ابن ماجه (٩٤٣). (٧) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٩١. (٨) المسند ٢/ ٢٤٩ و٢٥٤ و٢٦٦. (٩) صحيح ابن حبان (٢٣٦١) و (٢٣٧٦).