قَولُه:(مُقتصِراً كلُّ واحدٍ مِنهمَا)(١) إلى آخرِه، لا نُسلِّمُ ذلكَ، أَمَّا الخَطابيُّ فإنَّهُ قَصدَ إلى ذِكرِ كُلٍّ من الصَحيحِ والحسَنِ بالأصَالةِ، وَغايتُه: أَنَّهُ سَكتَ عمَّا عداهما، فلا يُنسبُ إلى غفلَةٍ، ولا إشكالٍ، وَربمَا لا يوافِقُ على تَسميةِ الحسَنِ لغيرِه حسَنَاً (٢)؛ لأنَّهُ بالنظرِ إلى ذاتِه ضَعيفٌ، وإنَّما يوصَفُ بالحسَنِ في المآلِ، وكذا الكَلامُ على تَركهِ، وتركِ غَيرِه حَد الصَحيحِ لِغَيرهِ.
وأمَّا الترمذيُّ: فلا ينسبُ إلى الغَفلةِ؛ لأنَّهُ يستَعملُ الحسَنَ لذاتِه في المواضِع التي يَقولُ فيهَا:((حَسنٌ غريبٌ)) ونحو ذلِكَ، ويمكنُ أنْ يدّعيَ فيهِ: أَنَّهُ عَرف مَا رأى أَنَّه مشكلٌ؛ لأنَّهُ يخرِّجُ الحدِيثَ أَحياناً، ويقولُ:((فلانٌ ضَعيفٌ)) لشَخصٍ في سَندهِ، ثمَّ يقولُ:((هَذا حَديثٌ حسَنٌ)) فَخشِيَ أنْ يشكلَ / ٦٤ ب / ذلكَ على النَاظِر، فَيعترِضَ عَليهِ (٣) بأنَّهُ يُحسِّنُ ما يصرحُ بضَعفِ راويهِ، أوِ انقطَاعِهِ، ونحوِ ذَلكَ، فَعرَّفَهُ أَنَّهُ إِنما حَسَّنهُ لكونِهِ اعتَضدَ بتعددِ طُرقِهِ.
(١) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٥٥، وهي عبارة ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث: ١٠١. (٢) من قوله: ((ولا إشكال)) إلى هنا لم يرد في (ف). (٣) لم ترد في (ك). (٤) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٥٦.