قولُهُ:(رُوِّيْنا عَنْ عليِّ بنِ المدينيِّ)(٣) إنما جعلَ هذا كالدليلِ لكراهةِ جمعِ المقصرِ من حيثُ إنّه قيّده بأولِ كتابتهِ فإنَّ الإنسانَ إذا أخذَ في طلبِ علمٍ من
العلومِ يكونُ عنهُ كالأجنبيِّ، فلا تكونُ لهُ فيهِ ملكةٌ إلا بعد ممارسةٍ كثيرةٍ، وتخصيصهُ هذينِ الحديثينِ لكثرةِ طرقهما، وإنما قالَ:((قفَاهُ)) إشارة إلى إدبارِهِ عن الخيرِ.
وقال عَقِبَهُ:((ثُمَّ إنَّ هذا الكتابَ مَدخلٌ إلى هذا الشَّأنِ، مُفْصِحٌ عَنْ أصُولِهِ وفُروعِهِ، شارِحٌ لمصطلحاتِ أَهلهِ ومقاصِدِهم وَمُهِمَّاتِهم التي ينْقُصُ المحَدِّثُ بالجهلِ بِها نقْصاً فاحِشاً، فهو إن شاءَ الله جَديرٌ بأنْ تُقَدَّمَ العنايةُ بهِ)) (٥). انتهى.
ومِنَ الخَطأ الاشتغالُ بالتَّتِمَّاتِ والتكميلاتِ مِنْ هذه العلوم وغيرِها مع تَضييعِ المهماتِ)) (٦).
(١) التكاثر: ١، أخرج هذا الأثر ابن عبد البر في جامع بيان العلم ٢/ ١٣٢، والذهبي في سير أعلام النبلاء ١٦/ ١٨٠. (٢) معرفة أنواع علم الحديث: ٣٦٢. (٣) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٥٨، قال علي بن المديني: ((إذا رأيت المحدث أول ما يكتب الحديث يجمع حديث الغسل، وحديث من كذب عليَّ، فاكتب على قفاه: لا يفلح)). انظر: الجامع لأخلاق الراوي (١٩٢٣). (٤) في " معرفة أنواع علم الحديث ": ((كيلا)). (٥) معرفة أنواع علم الحديث: ٣٦٢. (٦) الاقتراح: ٢٥٦.