وقالَ فيهِ (١) أيضاً بعدَ ذَلِكَ، وساق أَنَّ مسلماً قالَ في إسنادٍ ذاكَرهُ بهِ أحمدُ ابنُ سلمةَ:((لا يكونُ في الأسانيدِ أشرفُ مِنْ هذا)). قالَ: فهذا يقتضي أنهُ لا أرجحَ مِنْ هذا الإسناد، فأما نفيُ المساواةِ فلا، كما تقدمَ. انتهى.
قالَ شيخُنا:((ويؤيدُ هذا البحثَ قولُ أحمدَ بنِ حنبلٍ: ما بالبصرةِ أعلمُ - أو قالَ - أثبتُ منْ بشرِ بنِ المفضلِ / ٢٢أ /، أما مثلهُ فعسى.
فهذا يدلُّ على أَنَّ عرفهم في ذَلِكَ الزمانِ ماشٍ على قانونِ اللغةِ، وأنهم يفهمونَ منْ تعبيرِ أحدهم بهذهِ الصيغةِ، ما يفهمُ مِنْ تعبيرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بها في قولهِ الذي رواه الترمذيُّ (٢) وابنُ ماجه (٣) عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو - رضي الله عنهما - (٤): ((ما أظلتِ الخضراءُ، ولا أقّلتِ الغبراءُ مِنْ ذي لهجةٍ أصدقَ مِنْ أبي ذرٍّ)) مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لا يقتضي رجحانهُ في الصدقِ على الصِّدِّيقِ مثلاً، واللهُ أعلمُ.
(١) جاء في حاشية (أ): ((أي في الشرح الكبير)). (٢) جامع الترمذي (٣٨٠١) وقال: ((هذا حديث حسن)). (٣) سنن ابن ماجه (١٦٥). وأخرجه مِنْ هذا الوجه أيضاً: ابن سعد ٤/ ٢٢٨، وأحمد ٢/ ١٦٣ و١٧٥ و٢٢٣، والحاكم ٣/ ٣٤٢. وعلى الرغم مِنْ تحسين الإمام الترمذي لهذا الحديث، فإن في سندهِ عثمان بن عمير ضعيف. والحديث له طرق أخرى يتقوى بها، منها: حديث أبي ذر أخرجه: الترمذي (٣٨٠٢)، وابن حبان (٧١٣٢)، والحاكم ٣/ ٣٤٢. وورد مِنْ حديث أبي الدرداءِ عند ابن سعد ٤/ ٢٢٨، وابن أبي شيبة (٣٢٢٥٦)، والبزار (٢٧١٣) والحاكم ٣/ ٣٤٢. وورد مِنْ حديث أبي هريرة عند ابن سعد ٤/ ٢٢٨ ومن حديث علي عند أبي نعيم في الحلية ٤/ ١٧٢ وورد مِنْ مراسيل ابن سيرين عند ابن سعد ٤/ ٢٢٨. وهذه الطرق وإن كانت جميعها لا تخلو مِنْ مقال، إلاّ أَنَّ مجموعها يعطي قوة. (٤) من قوله: ((الذي رواه الترمذي ... )) إلى هنا لم يرد في (ك).