قال: النعمة أنهم سلموا، والفضل أن عيرا مرت وكان في أيام الموسم فاشتراها رسول الله ﷺ فربح فيها مالا فقسمه بين أصحابه.
وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾ قال: هذا أبو سفيان، قال لمحمد ﷺ، موعدكم بدر حيث قتلتم أصحابنا. فقال محمد ﷺ«عسى»، فانطلق رسول الله ﷺ لموعده حتى نزل بدرا، فوافقوا السوق فيها، فأشاعوا، فذلك قول الله ﷿: ﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ﴾ الآية، قال: وهي غزوة بدر الصغرى، رواه ابن جرير (١)، وروى أيضا عن القاسم، عن الحسين، عن حجاج، عن ابن جريج، قال: لما عهد رسول الله ﷺ لموعد أبي سفيان فجعلوا يلقون المشركين فيسألونهم عن قريش، فيقولون: قد جمعوا لكم، يكيدونهم بذلك، يريدون أن يرعبوهم، فيقول المؤمنون: حسبنا الله ونعم الوكيل، حتى قدموا بدرا، فوجدوا أسواقها عافية لم ينازعهم فيها أحد، قال: فقدم رجل من المشركين أخبر أهل مكة بخيل محمد، وقال في ذلك:[الرجز] نفرت قلوصي من خيول محمد … وعجوة منثورة كالعنجد
واتّخذت ماء قديد موعدي
قال ابن جرير: هكذا أنشدنا القاسم وهو خطأ، وإنما هو:
قد نفرت من رفقتي محمد … وعجوة من يثرب كالعنجد
تهزي على دين أبيها الأتلد … قد جعلت ماء قديد موعد
وماء ضجنان لها ضحى الغد (٢)
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ﴾ أي يخوفكم أولياءه، ويوهمكم أنهم ذوو بأس وذوو شدة، قال الله تعالى: ﴿فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أي إذا سول لكم وأوهمكم فتوكلوا علي والجأوا إلي، فإني كافيكم وناصركم عليهم، كما قال تعالى:
(١) تفسير الطبري ٣/ ٥٢٢ - ٥٢٣. (٢) الرجز لمعبد بن أبي معبد الخزاعي في سيرة ابن هشام ٢/ ٢١٠ وتاريخ الطبري ٣/ ٤١. وقوله: «رفقتي محمد» بالتثنية يعني المهاجرين والأنصار. والعجوة: ضرب من أجود التمر. والعنجد: الزبيب الأسود. وقوله: «تهوي على دين أبيها» أي تسرع على دأب أبيها وعادته. وقديد: موضع ماء بين مكة والمدينة. وضجنان: جبل على طريق المدينة قبل مكة.