أبي مالك الأشعري واسمه الحارث، قال: قال رسول الله ﷺ: «ثلاثة نفر كان لأحدهم عشرة دنانير فتصدق منها بدينار، وكان لآخر عشر أواق فتصدق منها بأوقية وكان لآخر مائة أوقية فتصدق منها بعشر أواق-فقال رسول الله ﷺ-هم في الأجر سواء كل قد تصدق بعشر ماله قال الله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ هذا حديث غريب من هذا الوجه.
وقوله تعالى: ﴿سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾ وعد منه تعالى ووعده حق لا يخلفه وهذه كقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾ [الشرح: ٥ - ٦] وقد روى الإمام أحمد (١) حديثا يحسن أن نذكره هاهنا: فقال: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا عبد الحميد بن بهرام، حدثنا شهر بن حوشب قال: قال أبو هريرة: بينما رجل وامرأة من السلف الخالي لا يقدران على شيء، فجاء الرجل من سفره فدخل على امرأته جائعا قد أصابته مسغبة شديدة، فقال لامرأته عندك شيء؟ قالت: نعم أبشر أتانا رزق الله فاستحثها فقال: ويحك ابتغي إن كان عندك شيء، قالت: نعم هنيهة ترجو رحمة الله، حتى إذا طال عليه الطول قال: ويحك قومي فابتغي إن كان عندك شيء فائتيني به فإني قد بلغت وجهدت، فقالت: نعم، الآن نفتح التنور فلا تعجل، فلما أن سكت عنها ساعة وتحينت أن يقول لها قالت من عند نفسها: لو قمت فنظرت إلى تنوري فقامت فنظرت إلى تنورها ملآن من جنوب الغنم ورحييها تطحنان، فقامت إلى الرحى فنفضتها واستخرجت ما في تنورها من جنوب الغنم، قال أبو هريرة: فوالذي نفس أبي القاسم بيده هو قول محمد ﷺ: «لو أخذت ما في رحييها ولم تنفضها لطحنتها إلى يوم القيامة».
وقال في موضع آخر (٢): حدثنا أبو عامر، حدثنا أبو بكر عن هشام عن محمد، وهو ابن سيرين عن أبي هريرة قال: دخل رجل على أهله فلما رأى ما بهم من الحاجة خرج إلى البرية، فلما رأت امرأته قامت إلى الرحى فوضعتها وإلى التنور فسجرته، ثم قالت: اللهم ارزقنا، فنظرت، فإذا الجفنة قد امتلأت قال: وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئا، قال فرجع الزوج فقال:
أصبتم بعدي شيئا؟ قالت: امرأته: نعم من ربنا، فأمّ إلى الرحى فذكر ذلك للنبي ﷺ فقال النبي ﷺ«أما إنه لو لم ترفعها لم تزل تدور إلى يوم القيامة».