أحب إلي من أن أبايع وقال عبد الله بن أحمد: حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا قرة عن أبي الزبير عن جابر ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «من يصعد الثنية ثنية المرار (١) فإنه يحط عنه ما حط عن بني إسرائيل» فكان أول من صعد خيل بني الخزرج ثم تبادر الناس بعد، فقال النبي ﷺ:«كلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر» فقلنا: تعال يستغفر لك رسول الله ﷺ. فقال: والله لأن أجد ضالتي أحب إلي من أن يستغفر لي صاحبكم، فإذا هو رجل ينشد ضالة، رواه مسلم (٢) عن عبيد الله به.
وقال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا ﵁ يقول: أخبرتني أم مبشر أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول عند حفصة ﵂: «لا يدخل النار إن شاء الله تعالى من أصحاب الشجرة الذين بايعوا تحتها أحد» قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها فقالت لحفصة ﵂ ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها﴾ [مريم: ٧١] فقال النبي ﷺ: قد قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا﴾ [مريم: ٧٢] رواه مسلم (٣)، وفيه أيضا عن قتيبة عن الليث عن أبي الزبير عن جابر ﵁ قال: إن عبدا لحاطب بن أبي بلتعة جاء يشكو حاطبا فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال رسول الله ﷺ: «كذبت لا يدخلها فإنه قد شهد بدرا والحديبية»(٤) ولهذا قال تعالى في الثناء عليهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾ كما قال ﷿ في الآية الأخرى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً﴾ [الفتح: ١٨].
يقول تعالى مخبرا رسوله صلوات الله وسلامه عليه بما يعتذر به المخلفون من الأعراب الذين اختاروا المقام في أهليهم وشغلهم وتركوا المسير مع رسول الله ﷺ فاعتذروا بشغلهم لذلك وسألوا أن يستغفر لهم الرسول ﷺ وذلك قول منهم لا على سبيل الاعتقاد بل على وجه
(١) ثنية المرار: موضع بين مكة والمدينة. (٢) كتاب المنافقين حديث ١٢. (٣) كتاب فضائل الصحابة حديث ١٦٣. (٤) كتاب فضائل الصحابة حديث ١٦١، ١٦٢.