دينك» قال: فلم يعد أن قالها فتواضعت لها، قال:«أما إني أعلم ما الذي يمنعك من الإسلام، تقول إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له وقد رمتهم العرب أتعرف الحيرة؟» قلت لم أرها وقد سمعت بها، قال:«فوالذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت من غير جوار أحد ولتفتحن كنوز كسرى بن هرمز» قلت: كسرى بن هرمز؟ قال:«نعم كسرى بن هرمز، وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد» قال عدي بن حاتم: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت من غير جوار أحد، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز، والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة لأن رسول الله ﷺ قد قالها.
وقال مسلم (١): حدثنا أبو معن زيد بن يزيد الرقاشي حدثنا خالد بن الحارث حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن الأسود بن العلاء عن أبي سلمة عن عائشة ﵂ قالت:
سمعت رسول الله ﷺ يقول:«لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى» فقلت:
يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله ﷿ ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ الآية، أن ذلك تام، قال:«إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ﷿، ثم يبعث الله ريحا طيبة فيتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم».
قال السدي: الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى (٢) وهو كما قال فإن الأحبار هم علماء اليهود كما قال تعالى: ﴿لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾ [المائدة: ٦٣] والرهبان عباد النصارى والقسيسون علماؤهم كما قال تعالى: ﴿ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً﴾ [المائدة: ٨٢] والمقصود التحذير من علماء السوء وعباد الضلال كما قال سفيان بن عيينة: من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى. وفي الحديث الصحيح «لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة» قالوا: اليهود والنصارى؟ قال:«فمن»؟ وفي رواية فارس والروم، قال:«فمن الناس إلا هؤلاء؟»(٣) والحاصل التحذير من التشبه بهم في أقوالهم وأحوالهم ولهذا قال تعالى:
(١) كتاب الفتن حديث ٥٢. (٢) انظر تفسير الطبري ٦/ ٣٥٧. (٣) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ١٢٥.