اختلف السلف في لقمان: هل كان نبيا أو عبدا صالحا من غير نبوة؟ على قولين، الأكثرون على الثاني. وقال سفيان الثوري عن الأشعث عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان لقمان عبدا حبشيا نجارا. وقال قتادة عن عبد الله بن الزبير: قلت لجابر بن عبد الله: ما انتهى إليكم من شأن لقمان؟ قال: كان قصيرا أفطس من النوبة. وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب قال: كان لقمان من سودان مصر، ذا مشافر، أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة. وقال الأوزاعي: حدثني عبد الرحمن بن حرملة قال: جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأله، فقال له سعيد بن المسيب: لا تحزن من أجل أنك أسود، فإنه كان من أخير الناس ثلاثة من السودان: بلال، ومهجع مولى عمر بن الخطاب، ولقمان الحكيم كان أسود نوبيا ذا مشافر.
وقال ابن جرير (١): حدثنا ابن وكيع، حدثنا أبي عن أبي الأشهب عن خالد الربعي قال:
كان لقمان عبدا حبشيا نجارا، فقال له مولاه: اذبح لنا هذه الشاة، فذبحها، قال: أخرج أطيب مضغتين فيها، فأخرج اللسان والقلب، ثم مكث ما شاء الله، ثم قال: اذبح لنا هذه الشاة، فذبحها، قال: أخرج أخبث مضغتين فيها فأخرج اللسان والقلب، فقال له مولاه: أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها، فأخرجتهما، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها، فأخرجتهما؟ فقال لقمان: إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا.
وقال شعبة عن الحكم عن مجاهد: كان لقمان عبدا صالحا ولم يكن نبيا.
وقال الأعمش: قال مجاهد: كان لقمان عبدا أسود عظيم الشفتين، مشقق القدمين. وقال حكام بن سالم عن سعيد الزبيدي عن مجاهد: كان لقمان الحكيم عبدا حبشيا، غليظ الشفتين، مصفح القدمين، قاضيا على بني إسرائيل، وذكر غيره أنه كان قاضيا على بني إسرائيل في زمان داود ﵇.
وقال ابن جرير (٢): حدثنا ابن حميد، حدثنا الحكم، حدثنا عمرو بن قيس قال: كان لقمان عبدا أسود، غليظ الشفتين، مصفح القدمين، فأتاه رجل وهو في مجلس ناس يحدثهم، فقال له: ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا؟ قال: نعم، قال: فما بلغ بك ما أرى؟ قال: صدق الحديث والصمت عما لا يعنيني.
(١) تفسير الطبري ١٠/ ٢٠٩. (٢) تفسير الطبري ١٠/ ٢٠٩.