فأيده وسلطه عليهم … وكان نصيره نعم النصير
فغودر منهمو كعب صريعا … فذلت بعد مصرعه النضير
على الكفين ثم وقد علته … بأيدينا مشهرة ذكور (١)
بأمر محمد إذ دس ليلا … إلى كعب أخا كعب يسير
فما كره فأنزله بمكر … ومحمود أخو ثقة جسور
فتلك بنو النضير بدار سوء … أبادهم بما اجترموا (٢) المبير
غداة أتاهم في الزحف رهوا (٣) … رسول الله وهو بهم بصير
وغسان الحماة موازروه … على الأعداء وهو لهم وزير
فقال السلم ويحكم فصدوا … وخالف أمرهم كذب وزور
فذاقوا غب أمرهم وبالا … لكل ثلاثة منهم بعير
وأجلوا عامدين لقينقاع … وغودر منهم نخل ودور
قال: وكان مما قيل من الأشعار في بني النضير قول ابن لقيم العبسي، ويقال: قالها قيس بن بحر بن طريف، قال ابن هشام (٤): الأشجعي: [الطويل] أهلي فداء لامرئ غير هالك … أجلى اليهود بالحسيّ المزنّم (٥)
يقيلون في جمر الغضاة (٦) وبدلوا … أهيضب عودا بالودي (٧) المكمم (٨)
فإن يك ظني صادقا بمحمد … يروا خيله بين الصلا ويرمرم (٩)
يؤم بها عمرو بن بهثة إنهم … عدو وما حي صديق كمجرم
(١) مشهرة ذكور: أي سيوف مسلولة من أغمادها؛ والذكور: جمع ذكر بفتحتين، القوي الصلب.
(٢) اجترموا: أي اكتسبوا.
(٣) أتى رهوا: أي أتى ساكنا، وقيل أتت الخيول متتابعة.
(٤) الأبيان في سيرة ابن هشام ٢/ ١٩٥ - ١٩٦.
(٥) يريد أحلهم بأرض غربة وفي غير عشائرهم، والزنيم والمزنم: الرجل يكون في القوم وليس منهم، أي: أنزلهم بمنزلة الحسي، أي: المبعد الطريد، وإنما جعل الطريد الذليل حسيا، لأنه عرضه للأكل، والحسي والحسو: ما يحسى من الطعام حسوا، أي أنه لا يمتنع على آكل، ويجوز أن يريد بالحسي معنى الغذى من الغنم، وهو الصغير الضعيف الذي لا يستطيع الرعي، ويقال أيضا: المزنم: صغار الإبل. انظر الروض الأنف للسهيلي ٢/ ١٧٧.
(٦) الغضاة: شجر.
(٧) الودي: صغار النخل.
(٨) المكمم: النخل الذي خرج طلعه.
(٩) الصلا ويرمرم: موضعان.