وقال الإمام أحمد (١) أيضا حدثنا سريج بن النعمان حدثنا نوح بن قيس عن أشعث بن جابر الحداني عن مكحول عن عمرو بن عبسة ﵁ قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ شيخ كبير يدعم على عصا له فقال: يا رسول الله لي غدرات وفجرات فهل يغفر لي؟ فقال ﷺ:«ألست تشهد أن لا إله إلا الله؟» قال: بلى وأشهد أنك رسول الله فقال ﷺ: «قد غفر لك غدراتك وفجراتك» تفرد به أحمد.
وقال الإمام أحمد (٢) حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد ﵂ قالت سمعت رسول الله ﷺ يقرأ: ﴿إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ﴾ وسمعته ﷺ يقول: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً﴾ ولا يبالي ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ ورواه أبو داود والترمذي من حديث ثابت به. فهذه الأحاديث كلها دالة على أن المراد أنه يغفر جميع ذلك مع التوبة ولا يقنطن عبد من رحمة الله وإن عظمت ذنوبه وكثرت فإن باب الرحمة والتوبة واسع قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ﴾ [التوبة: ١٠٤].
وقال ﵎: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا﴾ [البروج: ١٠] قال الحسن البصري رحمة الله عليه انظروا إلى هذا الكرم والجود قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة والآيات في هذا كثيرة جدا.
وفي الصحيحين عن أبي سعيد ﵁ عن رسول الله ﷺ حديث الذي قتل تسعا وتسعين نفسا ثم ندم وسأل عابدا من عباد بني إسرائيل هل له من توبة، فقال: لا فقتله وأكمل به مائة ثم سأل عالما من علمائهم هل له من توبة فقال ومن يحول بينك وبين التوبة. ثم أمره بالذهاب إلى قرية يعبد الله فيها فقصدها فأتاه الموت في أثناء الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأمر الله ﷿ أن يقيسوا ما بين الأرضين فإلى أيهما كان أقرب فهو