ذكر ذلك الهمداني في كتاب-الإكليل-واختلفوا في قحطان على ثلاثة أقوال [أحدها] أنه من سلالة إرم بن سام بن نوح، واختلفوا في كيفية اتصال نسبه به على ثلاثة طرائق. [والثاني] أنه من سلالة عابر، وهو هود ﵊، واختلفوا أيضا في كيفية نسبه به على ثلاثة طرائق أيضا. [والثالث] أنه من سلالة إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام، واختلفوا في كيفية اتصال نسبه على ثلاث طرائق أيضا. وقد ذكر ذلك مستقصى الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر النمري رحمة الله تعالى عليه في كتابه المسمى الإنباه على ذكر أصول القبائل الرواة.
ومعنى قوله ﷺ:«كان رجلا من العرب» يعني العرب العاربة الذين كانوا قبل الخليل ﵊ من سلالة سام بن نوح، وعلى القول الثالث كان من سلالة الخليل ﵇، وليس هذا المشهور عندهم، والله أعلم. ولكن في صحيح البخاري أن رسول الله ﷺ مر بنفر من أسلم ينتضلون، فقال:«ارموا بني إسماعيل؟ فإن أباكم كان راميا»(١) فأسلم قبيلة من الأنصار-والأنصار أوسها وخزرجها من غسان من عرب اليمن من سبأ-نزلوا بيثرب لما تفرقت سبأ في البلاد حين بعث الله ﷿ عليهم سيل العرم، ونزلت طائقة منهم بالشام، وإنما قيل باليمن وقيل لهم غسان بماء نزلوا عليه قيل إنه قريب من المشلل، كما قال حسان بن ثابت ﵁[البسيط]:
ومعنى قوله ﷺ:«ولد له عشرة من العرب» أي كان من نسله هؤلاء العشرة الذين يرجع إليهم أصول القبائل من عرب اليمن لا أنهم ولدوا من صلبه، بل منهم من بينه وبينه الأبوان والثلاثة، والأقل والأكثر، كما هو مقرر مبين في مواضعه من كتب النسب. ومعنى قوله ﷺ:
«فتيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة» أي بعد ما أرسل الله تعالى عليهم سيل العرم، منهم من
(١) أخرجه البخاري في الجهاد باب ٧٨، والأنبياء باب ١٢، والمناقب باب ٤. (٢) البيت في ديوان حسان بن ثابت ص ٢٧٩، ولسان العرب (غسس)، (غسن)، وجمهرة اللغة ص ٨٤٦، وتاج العروس (أزر) (غسس)