قال الصنعاني - رحمه الله -: واختلف العلماء في ذلك، فذهب كثير من الشافعية إلى التحريم؛ لهذا النهي. وقيل: إنه يكره؛ إلا قبل رمضان بيوم أو يومين فيحرم. وقيل: لا يكره. وقيل: إنه مندوب. انتهى المراد من كلامه.
وقوله:(لهذا النهي) يريد حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند أحمد، وأصحاب "السنن"، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إذا انتصف شعبان فلا تصوموا»(١)، وهذا الحديث من طريق العلاء بن عبدالرحمن عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وقد أنكر عليه هذا الحديث، أنكره عبدالرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو زُرْعة، والخليلي.
وعلى هذا فالصحيح أن الصيام بعد النصف من شعبان مندوب؛ لحديث عائشة - رضي الله عنها -، في "الصحيحين"(٢)، قالت: وما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شهر أكثر منه صيامًا من شعبان.
وحديث أم سلمة - رضي الله عنها - عند أبي داود (٢٣٣٦) وغيره، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصوم من السنة شهرًا تامًا إلا شعبان يصله برمضان.
والمراد أنه كان يصوم معظمه؛ جمعًا بينه، وبين حديث عائشة الذي تقدم.
وقد جاء في رواية عند مسلم: كان يصوم شعبان إلا قليلًا.
(١) أخرجه أحمد (٢/ ٤٤٢)، وأبو داود (٢٣٣٧)، والنسائي في "الكبرى" (٢٩١١)، والترمذي (٧٣٨)، وابن ماجه (١٦٥١). (٢) أخرجه البخاري (١٩٦٩)، ومسلم (١١٥٦) (١٧٥).