قال شيخ الإسلام:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي {بَعَثَ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم} (١) .
وأشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَمَا شَهِدَ هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَالْمَلَائِكَةُ، وَأُولُو الْعِلْمِ، قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ العزيز الحكيم.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خَتَمَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ، وَهَدَى بِهِ أَوْلِيَاءَهُ، وَنَعَتَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيم. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم} (٢) . صلى الله عليه أفضل صلاة وأكمل تسليم.
(أما بعد) : فإنه أَحْضَرَ إِلَيَّ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ كِتَابًا صَنَّفَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ، فِي عَصْرِنَا مُنَفِّقًا لِهَذِهِ الْبِضَاعَةِ، يَدْعُو بِهِ إِلَى
مَذْهَبِ الرَّافِضَةِ الْإِمَامِيَّةِ، مَنْ أَمْكَنَهُ دَعْوَتُهُ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَغَيْرِهِمْ، أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، مِمَّنْ قَلَّتَ مَعْرِفَتُهُمْ بالعلم والدين، ولم يَعْرِفُوا أَصْلَ دِينِ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ عَادَتُهُمْ إِعَانَةُ الرَّافِضَةِ، مِنَ الْمُتَظَاهِرِينَ بِالْإِسْلَامِ، من أصناف الباطنية الملحدين، الذي هُمْ فِي الْبَاطِنِ مِنَ الصَّابِئَةِ الْفَلَاسِفَةِ الْخَارِجِينَ عن حقيقة مُتَابَعَةِ الْمُرْسَلِينَ، الَّذِينَ لَا يُوجِبُونَ اتِّبَاعَ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُحَرِّمُونَ اتِّبَاعَ مَا سِوَاهُ مِنَ الأديان، بل يجعلون الملل بمنزلة المذاهب السياسية التي يسوغ أتباعها، وأن النبوة مِنَ السِّيَاسَةِ الْعَادِلَةِ الَّتِي وُضِعَتْ لِمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ في الدنيا.
(١) الآية ٢١٣ من سورة البقرة.(٢) الايتان ١٢٨، ١٢٩ من سورة التوبة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute