ومما يدلُّ على أن عائشة وطلحة والزبير لم يخرجوا للقتال، وإنّما للصُّلح بين المسلمين ما رواه الحاكم من طريق قيس بن أبي حازم؛ قال: لما بلغت عائشة رضي الله عنها بعض ديار بني عامر؛ نبحت عليها الكلاب، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: الحوأب (١). قالت: ما أظنُّني إِلَّا راجعة. فقال لها الزبير: لا بعدُ، تقدَّمي، فيراك النَّاس، فيصلح الله ذات بينِهم. فقالت: ما أظنُّني إِلَّا راجعة؛ سمعتُ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يقول:"كيفَ بإحداكُنَّ إذا نبحَتْها كلاب الحوأب"(٢).
وفي رواية للبزار عن ابن عبّاس أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال لنسائه: "أيتكنَّ صاحبة الجمل الأدبب (٣)، تخرجُ حتّى تنبحها كلاب الحوأب،
= قال الهيثمي: "رواه أحمد، والبزار، والطبراني، ورجاله ثقات". "مجمع الزوائد" (٧/ ٢٣٤). (١) (الحوأب): موضع قريب من البصرة، وهو من مياه العرب في الجاهلية، ويقع على طريق القادم من مكّة إلى البصرة، وسمي ب (الحوأب) نسبة لأبي بكر بن كلاب الحوأب، أو نسبة للحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية. انظر: "معجم البلدان" (٢/ ٣١٤)، وحاشية محب الدين الخطيب على "العواصم من القواصم" (ص ١٤٨). (٢) "مستدرك الحاكم" (٣/ ١٢٠). قال ابن حجر: "سنده على شرط الصّحيح". انظر: "فتح الباري" (١٣/ ٥٥). وقال الهيثمي: "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد رجال الصّحيح". "مجمع الزوائد" (٧/ ٢٣٤). والحديث في "مسند الإمام أحمد" (٦/ ٥٢ - بهامشه منتخب كنز العمال). (٣) (الأدبب)؛ أي: الأدب، وهو كثير وبر الوجه. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٩٦).