وما أكثر شهادة الزور وكتمان شهادة الحق في هذا الزمن!
ولعظم خطرها قرنها النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بالشرك وعقوق الوالدين؛ فإن شهادة الزُور سبب للظُّلم والجور وضياع حقوق النَّاس في الأموال والأعراض، وظهورها دليلٌ على ضعف الإِيمان، وعدم الخوف من الرّحمن.
٤٣ - كثرةُ النِّساء وقلَّة الرجال:
عن أنس رضي الله عنه قال: لأحدِّثَنَّكُمْ حديثًا لا يحدِّثُكُمْ أحدٌ بعدي، سمعتُ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يقول:"مِن أشراط السّاعة أن يقلَّ العلم، ويظهر الجهلى، ويظهر الزِّنا، وتَكْثُرَ النِّساءُ، ويقلَّ الرجال، حتّى يكون لخمسين امرأة القيِّمُ الواحدُ"(١).
قيل: إن سبب ذلك كثرةُ الفتن، فيكثر القتل في الرجال؛ لأنّهم أهل الحرب دون النِّساء (٢).
وقيل: إن سبب ذلك كثرة الفتوح، فتكثر السبايا، فيتخذ الرَّجل عدة موطوءات.
قال الحافظ ابن حجر: "فيه نظرٌ؛ لأنّه صرَّح بالقلَّة في حديث أبي
(١) "صحيح البخاريّ"، كتاب العلم، باب رفع العلم وظهور الجهل، (١/ ١٧٨ - مع الفتح)، و"صحيح مسلم"، كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزّمان، (١٦/ ٢٢١ - مع شرط النووي)، و"جامع التّرمذيّ"، باب ما جاء في أشراط السّاعة، (٦/ ٤٤٨) (ح ٢٣٠١). (٢) انظر "التذكرة" (ص ٦٣٩)، و "شرح النووي لمسلم" (٧/ ٩٦ - ٩٧)، و "فتح الباري" (١/ ١٧٩).