الأوّل: أن هذا الدخان هو ما أصاب قريشًا من الشدة والجوع عندما دعا عليهم النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - حين لم يستجيبوا له، فأصبحوا يرون في السَّماء كهيئة الدُّخان.
وإلى هذا القول ذهب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وتبعه جماعة من السلف (١).
قال رضي الله عنه:"خمسٌ قد مضين: اللزام (٢)، والروم، والبطشة، والقمر، والدُّخان"(٣).
ولما حدث رجل من كندة عن الدُّخان، وقال: إنّه يجيء دخانٌ يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم؛ غضب ابن مسعود رضي الله عنه، وقال: "مَنْ علم فليقل، ومَن لم يعلم؛ فليقل: الله أعلم؛ فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم: لا أعلم؛ فإن الله قال لنبيه:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}[ص: ٨٦]، وإن قريشًا أبطؤوا عن
(١) انظر: "تفسير الطّبريّ" (١٥/ ١١١ - ١١٣)، و"تفسير القرطبي" (١٦/ ١٣١)، و"تفسير ابن كثير" (٧/ ٢٣٣). (٢) (اللزام): هو ما جاء في قوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [الفرقان: ٧٧]؛ أي: يكون عذابًا لازمًا يهلكهم نتيجة تكذيبهم، وهو ما وقع لكفار قريش في بدر من القتل والأسر. انظر: "تفسير ابن كثير" (٦/ ١٤٣ و ٣٠٥)، و"شرح النووي لمسلم" (١٧/ ١٤٣). (٣) "صحيح البخاريّ"، كتاب التفسير، باب {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} (٨/ ٥٧١ - مع الفتح)، و"صحيح مسلم"، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب الدخان، (١٧/ ١٤٣ - جمع شرح النووي).