القيامة". قال: "فينزل عيسى بن مريم - صلّى الله عليه وسلم -، فيقول أميرهم: تعال صلِّ بنا. فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء؛ تكرمة الله هذه الأمة" (١).
قال القرطبي: "ذهب قومٌ إلى أنَّه بنزول عيسى -عليه السّلام- يرتفع التكليف؛ لئلا يكون رسولًا إلى أهل ذلك الزّمان؛ يأمرهم عن الله تعالى، وهذا (يعني: كونه رسولًا بعد محمّد) أمرٌ مردودٌ بقوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب: ٤٠]، وقوله عليه الصّلاة والسلام:"لا نبىَّ بعدي"(٢)، وقوله:"وأنا العاقب"(٣)؛ يريد آخر الأنبياء وخاتمهم.
وإذا كان ذلك؛ فلا يجوز أن يُتوهَّم أن عيسى ينزل نبيًّا بشريعة متجدِّدة غير شريعة محمَّد نبيِّنا - صلّى الله عليه وسلم -، بل إذا نزل؛ فإنّه يكون يومئذٍ من أتباع محمَّد - صلّى الله عليه وسلم -؛ كما أخبر - صلّى الله عليه وسلم -، حيث قال لعمر:"لو كان موسى حيًّا؛ ما وسعه إِلَّا اتباعي"(٤)، فينزل وقد عُلِّم بأمر الله تعالى له في السَّماء قبل أن ينزل ما
(١) "صحيح مسلم"، (٢/ ١٩٣ - ١٩٤ - مع شرح النووي). (٢) "صحيح مسلم"، كتاب الفضائل، باب في أسمائه - صلّى الله عليه وسلم -، (١٥/ ١٠٤ - مع شرح النووي). (٣) "صحيح البخاريّ"، كتاب التفسير، باب {يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: ٦]، (٨/ ٦٤٠ - ٤١ - مع الفتح). (٤) "مسند الإِمام أحمد" (٣/ ٣٨٧ - بهامشه منتخب الكنز). قال ابن حجر: "رجاله موثقون؛ إِلَّا أن في مجالد (أحد رواة الحديث) ضعفًا". "فتح الباري" (١٣/ ٣٣٤). وقد رواه عبد الرزّاق في "المصنِّف" (١٠/ ٣١٣ - ٣١٤)، تحقيق حبيب الرّحمن الأعظمي. ومجالد هو مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني الكوفي، روى له مسلم مقرونًا بغيره، =