"سلها كم حملت به؟ ". فأتيتها، فسألتها، فقالت: حملتُ به اثني عشر شهرًا. قال: ثمَّ أرسلني إليها، فقال:"سلها عن صيحته حين وقع؟ ". قال: فرجعتُ إليها، فسألتُها، فقالت: صاح صيحة الصبي ابن شهر. ثمَّ قال له رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "إنِّي قد خبأت لك خبئًا". قال: خبأت لي خطم شاة عفراء (١) والدُّخان. قال: فأراد أن يقول الدُّخان، فلم يستطع، فقال: الدُّخ، الدُّخ (٢).
فامتحان النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - له بـ (الدخان)؛ ليتعرف على حقيقة أمره.
والمراد بالدُّخان هنا قوله تعالى:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}[الدخان: ١٠]، فقد وقع في رواية ابن عمر عند الإِمام أحمد:"إنِّي قد خبأت لك خبيئًا، وخبأ له:{يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} "(٣).
قال ابن كثير: "إن ابن صياد كاشف على طريقة الكهَّان، بلسان الجان، وهم يقرطون -أي: يقطعون- العبارة، ولهذا قال: هو الدُّخ؛
(١) (خطم شاة): أصل الخطم في السِّباع مقاديم أنوفها وأفواهها. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٢/ ٥٠). و (العفراء): هي الّتي لونها غير ناصع كلون عفر الأرض؛ أي: وجهها. انظر: النهاية في غريب الحديث" (٣/ ٢٦١). (٢) "مسند أحمد" (٥/ ١٤٨ - بهامشه منتخب الكنز). قال ابن حجر في سنده: "صحيح" "فتح الباري" (١٣/ ٣٢٥). قال الهيثمي: "رواه أحمد والبزار والطبراني في "الأوسط"، ورجال أحمد رجال الصّحيح، غير الحارث بن حصيرة، وهو ثقة". "مجمع الزوائد" (٨/ ٢ - ٣). (٣) "مسند أحمد" (٩/ ١٣٩) (ح ٦٣٦٠)، تحقيق أحمد شاكر، وقال: "إسناده صحيح".