ما صرّح به الصحابي ابن عباس رضي اللَّه عنهما حيث قال:"إنَّ الذي نسخ آية الوصية آيةُ المواريث"(١)، وقال بعض العلماء: لا نسخ في الآية؛ لأنه يمكن الجمع بين آية الوصية والحديث، أو بين آية الو صية وآيات المواريث بحمل الوصية على غير الوارث، وكون آيات المواريث للوالدين والأقربين الوارثين.
ويرد على ذلك أن آية الرجم "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" هي الناسخة لآية الجلد، أو أن أحاديث الرجم هي مخصصة للآية، وليست من قبيل النسخ.
٣ - قال تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[الأنعام: ١٤٥]، فهذه الآية حرمت ثلاثة أمور، وأفادت إباحة أكل ما عداها، فَنُسِخ بعض هذا بالأحاديث التي "نهى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي نابٍ من السّباع، وكل ذي مِخْلَبٍ من الطير"(٢)، فهذا نسخ للقرآن بالسنة (٣).
ويرد على ذلك أن هذا تخصيص للآية، وليس نسخًا لها.
القول الثاني: لا يجوز نسخ القرآن بالسنة، وهو رأي الشافعي وأكثر أصحابه، والمشهور عن الإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى (٤)، سواء كانت السنة متواترة أو
(١) الدارمي (كتاب الوصايا باب ٨٢) وأبو داود ٢/ ١٠٣ (كتاب الوصايا، باب ٥). (٢) هذا الحديث رواه مسلم (١٣/ ٨٣) وأبو داود (٢/ ٣١٩) عن ابن عباس، ورواه البخاري (٥/ ٥٢) عن أبي ثعلبة الخشني رضي اللَّه عنهم. (٣) كشف الأسرار (٣/ ١٧٥)، فواتح الرحموت (٢/ ٧٨)، أصول السرخسي (٢/ ٦٧)، المعتمد (١/ ٣٢٤)، الإحكام لابن حزم (٤٧٧/ ٤)، البحر المحيط (٤/ ١١١)، الفصول في الأصول (٢/ ٣٤٥)، إرشاد الفحول ص ١٩١، البحر المحيط (٤/ ١١٥). (٤) قال ابن مفلح رحمه اللَّه تعالى: "ظاهر كلام أحمد منعه" وقال ابن النجار: "وأما الجواز شرعًا فالمشهور عن أحمد رحمه اللَّه منعه" شرح الكوكب المنير (٣/ ٥٦٢)، وانظر: المسودة ص ٢٠٢، روضة الناظر ص ٨٤، العدة (٢/ ٧٨٨)، إرشاد الفحول ص ١٩١.